تقارير و دراسات

وتستمر الإبادة الجماعية

ورقة حول: تدمير القطاع الصحي وإغلاق القطاع وأثرها على الجرحى والمرضى

    شارك :

4 يوليو 2024

 تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة عبر استخدام وسائل وإجراءات مختلفة، تتنوع بين تعمد إيقاع أكبر قدر من القتلى والجرحى بين المدنيين وتدمير المساكن والبنى التحتية والمقدرات الحيوية للمجتمع والمرافق الأساسية التي لا غنى عنها لحياة السكان. ومن بين وسائل الإبادة التي تمارسها تلك القوات استهداف المنظومة الصحية، وتدمير المستشفيات والمراكز الصحية وتعطيل خدمات الرعاية الصحية والعناية اللازمة للجرحى والمرضى. كما تحظر مرور رسالات الأدوية والمهمات والوفود الطبية والوقود اللازم لتشغيل المولدات، وتستهدف الكوادر الطبية وتعتقل الأطباء والمتخصصين في المجال الطبي وتخضعهم للتحقيق والتعذيب القاسي وتتسبب في وفاتهم، ما انعكس بشكل خطير جدا على حق الجرحى والمرضى في تلقي العلاج الضروري والمناسب والوصول إليه، وتدهورت أوضاعهم بشكل خطير بعد سيطرة قوات الاحتلال الإسرائيلي على معبر رفح البرّي منذ 7 أيار/مايو 2024، ومنع خروج الجرحى والمرضى إلى خارج قطاع غزة، الأمر الذي فاقم من تدهور أوضاعهم الصحية وضاعف من معاناتهم ومعاناة ذويهم، في ظل انهيار القطاع الصحي، وما تسبب في فقدان العديد منهم لحياته، ومواجهة بقيتهم خطر الموت. تستعرض الورقة واقع المنظومة الصحية وانعكاس إغلاق معبر رفح على المرضى والجرحى المحولين للعلاج في الخارج، ومنعهم من الحصول على حقهم في العلاج خلال حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة.

 واقع المنظومة الصحية في قطاع غزة:

-       في الفترة الممتدة من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 حتى 25 يونيو حزيران 2024، قُتل (500) من العاملين في مجال الرعاية الصحية في قطاع غزة، وهو يعادل مقتل اثنين من العاملين في مجال الرعاية الصحية بالمتوسط كل يوم، ويشكل عدد القتلى (2.5%) من القوى العاملة في مجال الرعاية الصحية[1]، كما أعتقل نحو (310) من العاملين في المجال الصحي وأخضعوا للتعذيب، والمعاملة القاسية، واللاإنسانية، والمُهينة.[2]

-       تعمدت قوات الاحتلال استهداف وتفكيك نظام الرعاية الصحية في غزة بشكل ممنهج، ومنذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تعرض القطاع الصحي للاستهداف (460) مرة، استهدفت فيها قوات الاحتلال المرافق الصحية والعاملين فيها، حيث تأثر كل مستشفى في قطاع غزة، ولم يبق أي مستشفى يعمل بكامل طاقته، ويوجد (19) مستشفى خارج الخدمة تماماً ونظام الرعاية الصحية على وشك الانهيار.[3]

-       باتت منظومة الإسعاف والطوارئ غير قادرة على الاستجابة لكافة النداءات والمهمات لنقل الجرحى والمصابين من الميدان إلى المستشفيات وما بين المستشفيات، نتيجة تدمير حوالي (130) سيارة ومركبة اسعاف واستهداف طواقمها[4]، كذلك شح الوقود، كما أعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني أن استمرار حظر دخول الوقود أجبر الجمعية على وقف (18) مركبة إسعاف في قطاع غزة، وهو يمثل (18%) من قدرة اسطول الجمعية في قطاع غزة.[5]

-       تعمل المستشفيات في قطاع غزة غي ظل قيود شديدة، حيث لا يسمح للمتطوعين الطبيين الدوليين بحمل وإدخال الإمدادات الطبية، في ظل النقص الحاد في الإمدادات الأساسية لرعاية المرضى مثل: الصابون، والمطهرات لوقف موجة العدوى المتفشية[6] والنقص في الوقود وأعداد المولدات الكهربائية بعد حظر دخولها ودخول قطع الغيار منذ اندلاع الحرب.

 

حقائق حول واقع الجرحى والمرضى:

-       بلغ العدد التراكمي ممن قتلتهم قوات الاحتلال خلال حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة لليوم ال 271 على التوالي (37,953) شهيداً/ة، وتجاوز عدد الجرحى (87,266) جريحاً/ة، (70%) من إجمالي الضَّحايا هم من الأطفال والنساء حتى تاريخ 3 يوليو 2024.[7]

-       بلغ عدد المرضى والجرحى المحولين للخارج (13,872) مريض وجريح بحاجة للعلاج وشكلت طلبات مرضى الأطفال من بينهم (25%)، والبالغين (57%)، وكبار السن (17%)، بينما بلغت نسبة الإناث من بينهم (44%)، و(56%) الذكور.[8]

-       بلغ عدد طلبات جرحى الحرب المحولين للعلاج بالخارج (4,423) جريح من أصل (13,872). وتمت الموافقة على ما نسبته (45%) من الجرحى، وتوزعت الطلبات الأخرى على مرضى السرطان بواقع (4,375) مريض تمت الموافقة على سفر (54%) منهم، ومرضى الفشل الكلوي (620) مريض تمت الموافقة على سفر (32%)، وتوزعت الطلبات الأخرى على مرضى القلب والأوعية الدموية، وطب العيون، الجهاز العضلي، الجهاز الهضمي، وأنواع من الامراض الخطرة.[9]

-       تمكن (4,895) مريض من السفر والعبور من معبر رفح البري أي حوالي (35%) من العدد الإجمالي للمرضى وتوزع المرضى على عدة دول بواقع (2,384) إلى جمهورية مصر العربية، (970) إلى قطر، (701) إلى الإمارات العربية المتحدة، و (430) إلى تركيا، (136) الجزائر.[10]

-       يواجه مرضى الفشل الكلوي مخاطر حقيقية على حياتهم نتيجة خروج المستشفيات عن الخدمة وانخفاض أعداد أجهزة الغسيل[11] وبالمثل مرضى الأورام والدم جراء عدم وجود مكان مخصص لهم بعد سيطرة الاحتلال على مستشفى الصداقة التركي وهو المستشفى الوحيد المخصص لهم، ونتيجة نقص الأدوية الكيماوية (الوريدي والفموي) والأدوية الداعمة والهرمونية، منذ بادية الحرب يشخص حوالي (200) حالة شهرياً مريض سرطان، منذ إغلاق معبر رفح لم يسافر أي مريض للعلاج بداية الحرب استثناء مجموعة من الأطفال.[12]

-       منذ إغلاق معبر رفح البري وسيطرة قوات الاحتلال عليه بتاريخ 7 مايو/أيار 2024، لم تتمكن سوى 21 حالة مرضية لأطفال من مرضى السرطان من مغادرة قطاع غزة بتاريخ 27 يونيو/ حزيران 2024، فيما لا يزال هناك أكثر من 10,000 مريض/ة بحاجة ملحة للسفر والعلاج بالخارج.[13]

-       يكافح النظام الصحي في قطاع غزة من أجل معالجة ما يزيد عن (10,000) حالة إصابة بالتهاب الكبد الوبائي (أ)، و (880,000) حالة إصابة بأمراض الجهاز التنفسي مع تفشي حالات الإسهال والتهابات الجلد والقمل، وبلغت معدلات الإصابة بالإسهال بالفعل (25) ضعفاً عما كانت عليه قبل أكتوبر/2023م، ومع تفاقم الأوضاع يوجد مخاوف من احتمال تفشي الكوليرا مما يزيد من تدهور الأوضاع الإنسانية.[14]

واقع الجرحى والمرضى المحوّلين للعلاج بالخارج:

تواصل قوات الاحتلال حرب الإبادة الجماعية وتستهدف الأعيان المدنية الخاصة والعامة بما فيها المرافق الصحية في قطاع غزة، مما ضاعف من المخاطر على حياة الجرحى والمرضى من كافة الأعمار والفئات، وتسبب في تفاقم أوضاعهم الصحية، لاسيما بعد إغلاق معبر رفح البري منذ 7 أيار/ مايو 2024. في التالي مقتطفات من إفادات لجرحى ومرضى منعوا من السفر للعلاج على النحو الآتي:

أولاً: المرضى:

يتواصل حرمان المرضى من أصحاب الأمراض الخطيرة في قطاع غزة وبشكل متعمد من الحصول على حقّهم في الرعاية الصحية والوصول للعلاج مما ضاعف من معاناتهم ومعاناة ذويهم. الجدير بالذكر أن العديد منهم فقد حياته جراء عدم حصولهم على العلاج الملائم نتيجة العوائق التي تفرضها قوات الاحتلال الإسرائيلي خاصة منع السفر لاستكمال العلاج خارج القطاع.

حول معاناة الطفلة منّة الله حجازي، 3 سنوات، أفادت والدتها نيفين أحمد حجازي للمركز بما يلي:

"نسكن في مدينة دير البلح، ولدي أسرة مكونة من (3) أفراد، من بينهم طفلتي: منة الله عبد الله حسن حجازي، من مواليد (2021). تعاني طفلتي منذ الولادة من مشاكل صحية. واكتشف الأطباء أنها تعاني من فشل في وظائف الكبد، وهي بحاجة إلى زراعة كبد وعملية قسطرة في الوريد البابي الذي يغذي الكبد نتيجة انسداده. تدهورت حالة طفلتي نتيجة العجز في الأدوية وظلت تعاني من نزيف في جسمها وتستفرغ الدم من فمها. وبتاريخ 9 أبريل/نيسان 2024، خضعت طفلتي للفحص من مجموعة من الأطباء الذين أكدوا أنها بحاجة إلى عمليات لا يمكن إجراؤها في قطاع غزة، فقرروا تحويلها للعلاج خارج قطاع غزة، ووضع اسم طفلتي بعد الحصول على التحويلة ونموذج رقم (1) على قائمة الانتظار تمهيداً للسفر عبر معبر رفح البري. لكن المعبر أغلق بعد قيام قوات الاحتلال باقتحام محافظة رفح والسيطرة عليه. تدهورت حالة طفلتي بشكل خطير ما اضطرها إلى المبيت في قسم الأطفال في مستشفى شهداء الأقصى، وتتكرر إصابتها بالتشنجات. تصرخ منة من شدة الألم وتحصل على المسكنات للتخفيف من ألمها إلى حين فتح المعبر لاستكمال علاجها في الخارج".

§      وحول معاناة الطفل مصطفى النجدي، 10 سنوات، أفادت زوجة أبيه، تهاني هشام النجدي، المركز بما يأتي:

"نسكن في مخيم النصيرات، وأنا زوجة والد الطفل/ مصطفى على مصطفى النجدي (10) سنوات - من مواليد 5 مارس 2014، وهو يتيم الأم. يعاني مصطفى من الفشل الكلوي منذ ولادته. أُجريت له تحويلة وتلقى العلاج في مستشفى شعاري تسيديك في مدينة القدس. ومنذ سنوات، يتوجه مصطفى كل شهرين إلى المستشفى ويحصل على علاج عبارة عن محلول وبعدها تستقر حالته الصحية إلى حين الحصول على المحلول مرة أخرى. منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2023، لم يتمكن مصطفى من السفر إلى مستشفى شعاري تسيديك في مدينة القدس، وبالتالي ساءت حالته وأصبح يحصل على غسيل كلوي يوم بعد يوم نتيجة عدم تمكنه من الحصول على العلاج. في أواخر شهر مارس 2024، حصلنا على تحويلة طبية للعلاج بالخارج وجهزنا أنفسنا وانتظرنا السفر إلى خارج قطاع غزة لكننا فوجئنا باجتياح محافظة رفح وسيطرة قوات الاحتلال على المعبر وإغلاقه. في هذه الأوقات يرقد مصطفى في قسم الأطفال في مستشفى شهداء الأقصى، والمواصلات صعبة ومكلفة في الحضور للمستشفى. بدأت حالته الصحية تتدهور حيث تظهر عليه مؤشرات سلبية كالسخونة الزائدة وارتفاع ضغط الدم، ويعاني من انتفاخات في الوجه ومعظم الجسم، ووضعه الصحي يتراجع يوماً بعد يوم، ونحن ننتظر استئناف السفر عبر معبر رفح للحصول على العلاج".

 

§       وحول معاناة المريض: محمد عبد الرحمن حمّاد، 58 عاماً، الذي فقد عينه اليسرى، أفاد المركز بما يأتي:

"نزحت وأسرتي من جباليا إلى رفح جراء حرب الإبادة الجماعية، وخلال حياة النزوح والمعاناة اليومية للحصول على المياه والغذاء؛ أصبت بعيني اليسرى جراء حادثة في مكان النزوح بالحي السعودي في رفح بتاريخ 19 أبريل/نيسان 2024، حيث استأصلت عيني ووضع داخلها مادة السيلكون. منذ إجراء العملية الجراحية في مستشفى غزة الأوروبي بخان يونس وأنا أعاني من آلام في العين المصابة، ومن نزيف مستمر للدماء منها. توجهت إلى مستشفى أبو يوسف النجار لعلاج تقيحات وإفرازات في عيني المصابة بعد أسبوع من الحادثة، وأفاد الأطباء بإصابة عصب العينين بالتهابات شديدة، وأخبروني بتخوفهم من احتمال تضرر عيني اليمنى وضرورة التوجه للعلاج بالخارج لإجراء عمليات متخصصة أكثر دقة. وبالفعل حصلت على نموذج للعلاج بالخارج لإجراء عملية جراحية في كلتا العينين لوقف آلام العين اليسرى المصابة ومنع تدهور حالة العين اليمنى، ولكن لم يدرج اسمي بالكشوف التي أصدرتها وزارة الصحة بسبب كثرة أعداد المحولين للعلاج. بدأ بعد ذلك هجوم قوات الاحتلال الإسرائيلي البري في رفح واحتلال المعبر وتوقفت عمليات التحويل للعلاج خارج قطاع غزة. أعيش الآن بعد النزوح من مدينة رفح في مواصي خانيونس، وسط ضعف في رؤيتي بالعين اليمنى وتواصل آلام العين اليسرى التي فقدتها. أخشى من استمرار إغلاق معبر رفح وحرماني من العلاج وبالتالي فقدان البصر بالعين المتبقية والعيش كفيفاً بسبب ضعف الإمكانيات الطبية في قطاع غزة".

ثانياً: الجرحى:

يواجه الجرحى الذين أصيبوا جراء تعمد قوات الاحتلال الإسرائيلي قصف المدنيين والمناطق السكنية في قطاع غزة؛ ظروفاً مأساوية تجعل مهمة شفائهم وتعافيهم غاية شبه مستحيلة، في ظل عدم تلقيهم للعلاج والرعاية الطبية التي يحتاجونها، وفي ظل استمرار الإغلاق وحرمانهم من السفر لتلقي العلاج. كما يتهددهم الموت جراء هذه الظروف الموت يتهددهم إذا لم يحدث تدخل إنساني عاجل لإنقاذ حياتهم. خاصة في ظل استمرار الهجمات على المدنيين وتواصل التوغلات البرّية وتدمير الأعيان المدنية. 

§      حول معاناة الطفلة الجريحة: حنان علاء عقل، 10 سنوات، أفاد والدها المركز بما يأتي:

 
 

 

"نزحت وأسرتي المكونة من (5) أفراد من منطقة تل السلطان برفح إلى منزل أختي في مخيم البريج. بعد خروج طفلتي حنان، لشراء حلويات "غريّبة" من مفترق أبو رصاص بالبريج، قصفت قوات الاحتلال الإسرائيلي منزلاً لعائلة الهور، بتاريخ 5 يونيو/حزيران 2024، ما أدى إلى إصابتها بجراح بالغة في الوجه وأنحاء متفرقة من الجسم. وصفت المصادر الطبية جراحها بالصعبة، حيث أصيبت بشظايا في الوجه وحرق من الدرجة الثانية، وخدوش في قرنية العين اليسرى واليمنى، وقطع داخلي وخارجي في الأنف طال الغضاريف والجيوب الأنفية، وحرق في الصدر واليدين والساقين من الدرجتين الأولى والثانية، وتخضع حالياً للعلاج في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح الذي يعاني من نقص الإمكانيات من حيث المعدات والطواقم الطبية والعلاجات، حيث تحتاج حنان إلى مرهم خاص من نوع "فيوسيدين" ومسكنات للألم غير موجودة في المستشفى أشتريها لها من الصيدليات الخارجية على حسابي الخاص. أفاد الأطباء بحاجتها لإجراء عملية تجميل دقيقة للوجه والعينين والأنف، غير متوفرة في قطاع غزة. تحتاج كذلك لعلاج فوري للعين اليمنى، وعلاج من استمرار السخونة التي تعاني منها. وأتمّ الأطباء إجراءات تحويلها للعلاج بالخارج، ولكن احتلال معبر رفح ومنع الوصول للعلاج حال دون ذلك. تعاني طفلتي من الألم المستمر أمام عجز الطواقم في المستشفى عن تقديم العلاج اللازم لها. نراها تموت أمام عيوننا يومياً دون استطاعتنا أن نفعل لها أي شيء يخفف من آلامها".

§      وحول معاناة الجريح صابر موسى الزعانين، 46 عاماً، أفاد المركز بما يأتي:

"نزحت وأسرتي المكونة من (7) أفراد من بيت حانون إلى مخيم جباليا، ومن ثم إلى مدينة غزة، ثم إلى خانيونس ثم إلى دير البلح. ذهبت يوم الأربعاء الموافق 10 يناير/كانون الثاني 2024، لزيارة معارف لي في مستشفى شهداء الأقصى، وبعد الفراغ من زيارتهم وأدائي صلاة العصر في باحة المستشفى، قصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي المكان، فبترت ساقي اليسرى على الفور، وأصبت بجراح في الساق اليمنى وأنحاء متفرقة من الجسم. قدمت لي الإسعافات الأولية في المستشفى. في اليوم التالي للإصابة شعرت بآلام في ساقي وشممت رائحة كريهة تصدر منها فطلبت من الأطباء استكمال العلاج، وبسبب ضعف الإمكانيات جرى تحويلي إلى مستشفى ناصر بخان يونس، وهناك رفضت المستشفى استقبالي بسبب عدم وجود أماكن خالية، ولكنهم أجروا لي عملية تنظيفات. أصبت بغيبوبة ومكثت في المستشفى لمدة يومين، وغادرتها بسبب هجوم قوات الاحتلال البري في محيط مستشفى ناصر. غادرت بواسطة سيارة مدنية إلى المستشفى الإماراتي الذي رفض استقبالي. وبتاريخ 17 يناير/كانون الثاني 2024، تم تحويلي لاستكمال العلاج في المستشفى الميداني الإندونيسي التابع لمؤسسة أطباء بلا حدود والكائن في رفح، وفيه تلقيت العلاج الأولي لمدة (45) يوماً. أجروا لي خلالها خمس عمليات جراحية للسيطرة على الالتهابات المتضاعفة جراء البتر وعولجت ساقي اليمنى واليد اليمنى، وكدت أفقد حياتي خلال فترة علاجي بسبب فقداني المستمر للدم. بتاريخ 4 مارس/آذار 2024، أفاد الأطباء بانتهاء فترة علاجي في المستشفى الميداني وبضرورة التحويل لاستكمال العلاج بالخارج لساقي اليسرى المبتورة من أعلى الركبة، وللساق اليمنى خاصة الركبة ولليد اليسرى، وحصلت على تحويلة إلى دولة الإمارات، ولكن لم أحصل على الموافقة في المرة الأولى في شهر يناير، ثم في المرة الثانية في مارس. وبعد إغلاق واحتلال معبر رفح فقدت فرصة العلاج بالخارج. مازلت أعاني من مشكلات صحية في أعصاب الساقين وعضلاتهما، وأعاني من الخذلان (الخدر) في ساقي اليمنى، وألم في ركبتي اليمنى، وألم فيما تبقى من الساق اليسرى وأحتاج لتركيب طرف صناعي، كما أعاني من حالات تشنج وموجات كهربائية في جسمي وأحتاج لعلاج "غابابنتين" غير المتوفر في غزة، كما أحتاج إلى مسكنات قوية للألم. تركت قضية عدم تحويلي للعلاج بالخارج آثار كبيرة جسدية ومعنوية علي، لكون هذا حق لي لا يمكنني الوصول إليه في وقت أحتاجه وبشدة لحفظ حياتي".

 

§       وحول معاناة الطفلة الجريحة: مزيونة أحمد إبراهيم دامو، 12 عام، أفاد والدها المركز بما يأتي:

"بتاريخ 8 يونيو/حزيران 2024، تعرض منزلي في مخيم النصيرات للقصف بصاروخين من (F16)، تسببا في قتل ابني مهند (10) أعوام، وابنتي حلا (13) عام، وإصابة زوجتي أريج (35) عاماً، وبناتي تالا (4) سنوات، ومزيونة (12) عاماً. نُقلت مزيونة إلى مستشفى العودة في مخيم النصيرات، ومن ثم إلى مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح من ثم مجمع ناصر الطبي في خانيونس حيث مكثت في العناية المكثفة مدة (5) أيام نتيجة أصابتها بتهتك في الفك الأسفل الذي أدى إلى نقص في عظام الفك الأسفل وتهتك الأنسجة بالإضافة إلى فتحة في الخد، وأخبرني الأطباء أن مزيونة بحاجة إلى العلاج بالخارج نتيجة صعوبة حالتها ونتيجة النقص والعجز في الإمكانيات، ولكن بسبب إغلاق المعبر لم نتمكن من تحويلها. لا تستطيع مزيونة الآن تناول الطعام وتعيش على المحلول".

الخلاصة والتوصيات:

يواجه الجرحى والمرضى في قطاع غزة ظروفاً تشكل تهديداً جدياً لحياتهم وسلامتهم الجسدية، في ظل استمرار حرب الإبادة الجماعية واستهداف المنظومة الصحية، وتدهور المقومات الصحية في قطاع غزة، وإغلاق معبر رفح الذي حظر عمليات تحويل الجرحى والمرضى للعلاج في الخارج ومنع وصولهم للعلاج المناسب، وعدم إمكانية وصول طواقم طبية متخصصة من الخارج لدعم الكوادر المحلية. وتشكل الممارسات الإسرائيلية انتهاكات جسيمة ومنظمة ترقى لمستوى جرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية. ويفرض القانون الدولي الإنساني على القوة القائمة بالاحتلال التزامات واضحة بضمان حسن تسيير وتشغيل المنشآت الطبية، وضمان حرية نقل وإخلاء الجرحى وحماية إرساليات الغذاء والدواء، والسماح بمرورها دون قيود.

وبناءً على ذلك، يطالب مركز الميزان لحقوق الإنسان المجتمع الدولي بما يأتي:

·      ضرورة التحرك والضغط من أجل إجبار دولة الاحتلال الإسرائيلي على وقف جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وفرض وقفٍ فوريٍ لإطلاق النار، واحترام وتطبيق التدابير الإجرائية التي أقرتها محكمة العدل الدولية وقواعد القانون الدولي الإنساني ومبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان.[15]

·      إجبار سلطات الاحتلال الإسرائيلي على إنهاء حصارها لقطاع غزة وإخلاء معبر رفح البري وإعادة فتحه بشكل يضمن حركة السكان، لا سيما المرضى والجرحى ووقف سياسة العقاب الجماعي ضد الفلسطينيين. إن القانون الدولي يفرض التزما حصريا على القوة القائمة بالاحتلال في تزويد السكان المدنيين بالمؤن الغذائية والإمدادات الطبية.

·      ضمان آلية مستمرة لتحويل وخروج الجرحى والمرضى الذين يحتاجون لاستكمال علاجهم وإنقاذ حياتهم، في ظل استمرار حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، دون قيود أو شروط تحدّ من مرورهم ووصولهم للعلاج الملائم.

·      السماح بمرور كافة إرساليات الادوية والمستلزمات الطبية، والوفود الطبية، وجميع اللوازم المعدات الطبية بما فيها الوقود اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية اللازمة لعمل المستشفيات والمراكز الطبية بالشكل المناسب.

 



[1] MEDICAL AID FOR PALESTINE (MAP), 500 healthcare workers killed during Israel’s military assault on Gaza. (26 June 2024). Link: https://2u.pw/qf8Rugij

[2] وزارة الصحة الفلسطينية، مركز عمليات الطواريْ الصحية، تقرير طوارئ القطاع الصحي لليوم (268) من العدوان، الصادر بتاريخ 30 يونيو 2024، https://t.me/MOHMediaGaza/5581  

[3] MEDICAL AID FOR PALESTINE (MAP), op. cit.  

وزارة الصحة الفلسطينية، مرجع سابق.    [4]

[5] جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، خبر صحافي منشور بتاريخ 27 يونيو2023، الرابط الإلكتروني: https://2u.pw/Ivd46GKQ

[6] Syrian American Medical Society, " SAMS DECRIES THE POSSIBLE CLOSURE OF ANOTHER GAZA HOSPITAL". 2 July 2024, link: https://www.sams-usa.net/sams-decries-the-possible-closure-of-another-gaza-hospital/

[7] وزارة الصحة الفلسطينية، التقرير الاحصائي لليوم (271) من العدوان، https://t.me/MOHMediaGaza/5583

[8] World Health organization, medical evacuation of Gaza Patients through Rafah Crossing (oct 2023- 20 June 2024). Link: https://2u.pw/bUlAZFCI

[9] Ibid

[10] Ibid

[11]  راجع، مركز الميزان لحقوق الإنسان. ورقة حول واقع مرضى الفشل الكلوي، الرابط: https://www.mezan.org/ar/post/46409

[12]  وزارة الصحة الفلسطينية، الرابط الإلكتروني: https://2u.pw/lPxsNdv7

 [13]منظمة الصحة العالمية. تصريح صحافي على موقع (X) بتاريخ 28 يونيو 2024، https://x.com/DrTedros/status/1806547934470881437

[14]  مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA). الأرض الفلسطينية المحتلة.  آخر مستجدات الحالة الإنسانية رقم 185- قطاع غزة. الرابط: https://www.ochaopt.org/ar/content/humanitarian-situation-update-185-gaza-strip

[15]  أصدرت محكمة العدل الدولية قراراً يطالب إسرائيل بالوقف الفوري لهجومها العسكري على رفح كما طالبت المحكمة بضرورة إبقاء معبر رفح مفتوحاً أمام توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية المطلوبة بشكل عاجل على نطاق واسع، وأكدت المحكمة في قرارها مجددا على التدابير المؤقتة المشار إليها في الأمرين الصادرين في 26 كانون الأول/ يناير 2024، و28 آذار/ مارس 2024. وطالبت بتنفيذ هذا القرار على الفور بشكل فعال. مزيد من التفاصيل: https://news.un.org/ar/story/2024/05/1131231