مجلس منظمات حقوق الإنسان يستنكر استيلاء مجموعة مسلحة على مقر مؤسسة أهلية بالقوة ويطالب السلطات المحلية بفرض سيادة القانون وحماية مقرات المؤسسات الأهلية ومعاقبة منتهكي القانون

9 نوفمبر 2025

https://mezan.org/public/assets/uploads/media-uploader

يستنكر مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية، بأشد العبارات، اقتحام مقر برنامج غزة للصحة النفسية في مدينة غزة، والاستيلاء عليه بالقوة، وطرد موظفيه، ومنع المرضى من المراجعة في المكان، ويطالب سلطات العمل الحكومي القائمة على إنفاذ القانون بمغادرة مربع المتفرج، وترجمة ما تنشره، صباح مساء، عن تطبيق القانون، ومنع الفوضى، والفلتان ومحاربة مظاهرها - التي يمثل الاستيلاء على مقر البرنامج أحد أكثر تجلياتها فظاظة – إلى واقع ملموس.

والمجلس إذ يشدد على الدور الحيوي والفعّال في إنقاذ الحياة وتخفيف الألم، الذي يلعبه برنامج غزة للصحة النفسية كواحد من أهم المؤسسات الوطنية التي تقدم خدمات الصحة النفسية للمرضى، فإنه يستهجن أن تتسامح قوى الأمن والشرطة وفصائل العمل الوطني مع سلوك يكمل مهمة الاحتلال في حرمان مرضى قطاع غزة من حقهم في العلاج. ويرى المجلس في هذا السلوك تقاطعاً من زاوية أخرى مع محاولات قوات الاحتلال القضاء على دور المؤسسات الأهلية الخدماتي والإنساني والقانوني، وأن العمل الأهلي يجب أن يحظى بالاحترام والحماية، ولاسيما وأن هذه المؤسسات تعمل وفق القانون وتقدم خدمات جليلة للمواطنين تكمل أدوار المؤسسات الحكومية وفي أحيان كثيرة تسد محلها ولا تترك المواطن دون تلبية الحدود الدنيا من حاجاته الأساسية. 

ويشير المجلس في هذا السياق إلى تعمد قوات الاحتلال تدمير مقر البرنامج الرئيس في مدينة غزة، والمكون من سبع طبقات، وتدمير مقر آخر استأجرته المؤسسة بعد تدمير مقرها الرئيس، لتقوم باستئجار المقر الذي استولت عليه المجموعة المسلحة، وهو المكان الوحيد الذي يقدم خدمات الرعاية الصحية لمرضى الأمراض النفسية، والتي من بينها أمراض قد تفضي إلى الوفاة إن لم يتلق المريض علاجه في الوقت المناسب.

وتجدر الإشارة إلى أنه ومنذ  الثالث عشر من أكتوبر المنصرم، وهو تاريخ السيطرة على المقر، سعى مجلس المنظمات عبر مؤسساته المختلفة لوقف هذا الانتهاك بالطرق الودية، ومن خلال التواصل مع الأطراف ذات العلاقة في قطاع غزة وخارجها، وبالرغم من الوعود الطيبة والاتفاق على أن هذا الأمر هو تجاوز خطير لا يجوز التسامح معه، إلا أن الأمر استمر، بل أكثر من ذلك فإن مجموعة مسلحة داهمت بتاريخ 5/11/2025 عند تمام الساعة الرابعة مساءً مقر البرنامج في دير البلح، وادعت المجموعة أنها تنفذ قرارًا صادرًا عن المحافظ وطالبت المتواجدين في المقر بمغادرته وتسليمه، ولكن تمسك الموظفين بالبقاء، رغم التهديدات وبعد كثير من الاتصالات بالمسئولين، دفعهم إلى مغادرة المكان. وبالرغم من أن هذا الحادث يشير إلى أن الاستيلاء على مقر البرنامج لن يكون حادثاً منعزلاً ما لم تكن هناك إجراءات حازمة تفضي بإخلاء مقر البرنامج في غزة ومعاقبة كل من تسول له نفسه الاستيلاء على مؤسسة أهلية أو مرفق خاص. 

وعليه فإن مجلس المنظمات يجدد تأكيده على أن استباحة مقر مؤسسة أهلية، لاستخدامات شخصية وعائلية على حساب المصلحة العامة، هو مؤشر خطير على الفلتان الأمني وغياب سيادة القانون وسوء استخدام السلاح، وإن عدم تحرك جهات الاختصاص لوقف هذه الجريمة ومعاقبة مرتكبيها يعطي رسائل خطيرة تهدد قدرة المؤسسات الأهلية ومستقبلها في قطاع غزة.

وعليه، فإن مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية، إذ يؤكد أنه سيواصل مساعيه لضمان عودة المقر للمؤسسة، فإنه يطالب:

·      السلطات الفلسطينية المختصّة بتحمّل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية والوطنية فوراً، والتدخّل العاجل لإخلاء المقر وإعادته للمؤسسة، وضمان سلامة العاملين والمرضى، ومحاسبة المسؤولين عن هذا الاعتداء دون أي تسويف أو تهاون.

·      كافة القوى والهيئات الوطنية والمجتمعية إلى الوقوف بحزمٍ أمام مظاهر الفوضى والتعدّي على مؤسسات المجتمع المدني، فالتغاضي عن هذه الأفعال يقوض من احترام القانون وسيادته ويفتح الباب واسعاً للفوضى والفلتان، بما يهدد بحرمان الناجين من الإبادة الجماعية خدمات أساسية تساعدهم على البقاء وتحمي كرامتهم.

انتهى