إبادة البيئة

10 سبتمبر 2024

https://mezan.org/assets/uploads/media-uploader

ترتبط البيئة بحياة الإنسان ارتباطاً وثيقاً، فهي التي تجعل حياته آمنة وهانئة، حيث تعتبر البيئة الصحية والنظيفة من أهم شروط الحياة الكريمة، ويشكل المساس بمكونات البيئة انتهاكاً للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي بشكل عام. وكلما كانت البيئة آسنة ملوثة زادت الأمراض، الناتجة عن غياب النظافة والسموم والإشعاعات والانبعاثات الغازية، وارتفعت معدلات ظهور وانتشار الأوبئة والأمراض المختلفة، وهددت حياة الإنسان.

ويشكّل استمرار انتهاكات وجرائم قوات الاحتلال الإسرائيلي خطراً جسيماً على مكونات البيئة في قطاع غزة، كونها تستهدفها بشكل منظم، بحيث تعمدت سلطات الاحتلال عدم إعطاء الفرصة لإعادة الإعمار وتحسين الواقع البيئي والصحي والمعيشي للسكان قبل السابع من أكتوبر 2023. وكانت تتعمّد إعاقة المشروعات التنموية البيئية الرئيسة كمحطات تحلية المياه أو محطات التخلص من مياه الصرف الصحي أو النفايات الطبية أو مكبات النفايات الصلبة، وحرصت على منع دخول مقومات الحياة العامة كالطاقة الكهربائية والوقود لتبقي معاناة سكان القطاع والقطاعات الحيوية فيه.

وتواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي تدمير مكونات البيئة في سياق جريمة الإبادة الجماعية، التي تشنها على قطاع غزة منذ 7/10/2023، وتستهدف المدنيين الفلسطينيين والأعيان المدنية بالقتل والتدمير على نطاق واسع. وتستخدم كميات كبيرة من القنابل والصواريخ المتطورة وشديدة الانفجار، بحيث يطال التدمير شبكات المياه والصرف الصحي وشبكات تجميع مياه الأمطار، ومكبات النفايات وأماكن تجميعها والمعدات المخصصّة لجمعها ونقلها والتخلص الآمن منها، كذلك محطات التخلص الآمن من النفايات الطبية والخطرة. وتسبب القصف المتواصل في تراكم كميات كبيرة من الكتل الخرسانية للمنازل السكنية والمنشآت المدمرة، كما دمّرت التربة والأراضي الزراعية ومزارع تربية الحيوانات والدواجن، وتحدث تلويثاً شديداً للهواء، وتحدث تلوثاً سمعياً، جراء تواصل الانفجارات واستمرار تحليق الطائرات الحربية بأنواعها المختلفة في سماء قطاع غزة. ونتيجة لذلك أمسى القطاع في آتون كارثة بيئية.

يتناول التقرير إبادة البيئة ومكوناتها المختلفة في قطاع غزة، من خلال استعراض آثار جريمة الإبادة على قطاع المياه والنفايات السائلة والصلبة، ويبرز تلوث مياه البحر، وكميات الركام الكبيرة الناجمة عن تدمير المنازل والمنشآت، وتلّوث التربة، والتلوث الهوائي والسمعي، ثمّ يستعرض المخاطر الصحية والبيئية لتلويث مكونات البيئة، وانعكاسات ذلك على السكان ومستقبل القطاع، وينتهي بخلاصة ومجموعة من التوصيات.

يشار إلى أن مركز الميزان لحقوق الإنسان اعتمد عند إعداد التقرير على المعلومات من مصادرها الأولية من خلال إجراء أكبر عدد من المقابلات مع الجهات المختصة، في ظل ظروف قطاع غزة المعقدة، والخطر الشديد الذي يهدد الحركة والعمل خلال جريمة الإبادة الجماعية المستمرة، وعلى المصادر الثانوية سواء المراجع الأجنبية أو العربية أو المحلية ذات الصلة بالموضوع. وبادر باحثو المركز إلى قياس حدّة الضوضاء التي بدت مرتفعة في ظل التواجد الدائم لطائرات الاحتلال المتنوعة في سماء القطاع، وسط غياب قياسات حقيقية لذلك.