27 نوفمبر 2017
يصادف السبت الموافق 25 تشرين الثاني (نوفمبر) من كل عام، اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة. وفي هذه المناسبة أطلقت الأمم المتحدة حملة (16) يوم لمناهضة العنف والتمييز ضد المرأة تحت شعار "لن نخلف أحدا ورائنا، لينته العنف ضد النساء والفتيات". وتأتي الحملة استمراراً للمبادرة السنوية التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة منذ عام 2008 تحت عنوان ""اتحدوا لإنهاء العنف ضد المرأة" وهي حملة لمناهضة العنف القائم على نوع الجنس. وتهدف الحملة إلى زيادة الوعي العام للحد من العنف ضد النساء، ودعوة كل الأطراف دول ومؤسسات وأحزاب إلى العمل على إنهاء العنف الموجه ضد النساء والفتيات. وتنتهي الحملة في العاشر من كانون الأول/ ديسمبر من كل عام، وهو اليوم العالمي لحقوق الإنسان.
وتأتي هذه المناسبة مع استمرار معاناة النساء والفتيات الفلسطينيات من العنف المفرط، الذي تمارسه سلطات الاحتلال عبر استهداف الفتيات بالقتل. كما تعاني النساء من التهجير القسري جراء استمرار سياسة هدم البيوت، وما تعانيه المرأة خلال تشردها وافتقادها لخصوصيتها، بالإضافة إلى المشكلات الأسرية المعقدة التي تواجهها جراء هذا الوضع الصعب.
إن الأمهات والأخوات والزوجات من النساء يعانين، أشد المعاناة جراء فقد الابن أو الأخ أو الزوج. هذا بالإضافة إلى المعاناة الشديدة التي تتسبب بها القيود المفروضة على حرية حركتهن والانتهاكات اليومية التي يتعرضن لها، بحرمانهن من الوصول إلى المستشفيات لتلقي العلاج، أو جمع شملهن بأسرهن، واستمرار المعاناة على الحواجز العسكرية الإسرائيلية، بما في ذلك إعاقة سيارات الإسعاف ما عرّض حياة الكثيرات للخطر الشديد جراء اضطرارهن للوضع على الطرقات أو داخل سيارات الإسعاف في ظل منعهن من الوصول إلى المستشفى.
وفي قطاع غزة دفعت مئات النساء والفتيات حياتهن جراء الهجمات الحربية واسعة النطاق، وتعرضت مئات النساء للإعاقات الجسدية والنفسية جراء العنف المبالغ فيه الذي تعرضن له على أيدي قوات الاحتلال.
وفي هذا الإطار تعدّ الاعتداءات اليومية لقوات الاحتلال الإسرائيلي من أبرز التحديات التي تواجه الجهود الأممية لإنهاء العنف ضد المرأة، حيث تشير البيانات إلى أن قوات الاحتلال قتلت (455) سيدة في قطاع غزة منذ مطلع عام (2008م) في سياق عمليات استهداف المدنيين وممتلكاتهم. كما بلغ عدد النساء اللواتي فقدن أزواجهن (1415) سيدة. وفيما يتعلق بالانتهاكات على صعيد حرية الحركة والتنقل تُعدّ المرأة من الأكثر تضرراً لحقوقها الأساسية بما فيها الحقوق الصحية حيث بلغ عدد النساء اللواتي فارقن الحياة جراء حرمانهن ومنعهن من تلقى العلاج المناسب في المرافق الصحية خارج قطاع غزة (10) سيدات منذ مطلع العام (2017م).
وفي السياق نفسه تعاني النساء في قطاع غزة أوضاعاً بالغة القسوة جراء ارتدادات الحصار الذي ألقى بظلاله السلبية وأصبحن عرضة للبطالة والفقر وتحملن تداعيات المشكلات الاقتصادية والاجتماعية. ولم تتوقف معاناة النساء عند هذا الحد بل طالت (28283) وهن عدد الإناث اللواتي هجرن من منازلهم المدمرة بشكل كلي الجدير بالذكر أن معاناة المهجرات قسرياً تتفاقم في ظل البطيء الشديد في عملية إعادة الإعمار الذي له أثر مباشر على العنف ضد المرأة.
وتجدر الإشارة إلى أن النساء تواجه تحديات خطيرة ومزدوجة على الصعيد الداخلي في آن واحد، نتيجة تراكم تأثيرات أحد عشر عاماً من الانقسام السياسي، واستمرار مظاهر غياب سيادة القانون جراء استمرار النزاعات الداخلية التي طالت تأثيراتها السلبية مجمل الأوضاع المعيشية والتنموية في قطاع غزة ونالت النساء قسطاً كبيراً منها. كما تعاني من استمرار النظرة الاجتماعية الدونية، ومن الحالات المتطرفة للعنف ضد المرأة في قطاع غزة استمرار حالات القتل على خلفية الشرف حيث سجل (23) حالة ممن قتلن على خلفية ما يسمى بالشرف منذ مطلع العام (2008م).
وتشير المعطيات الميدانية على أن الجهود المبذولة في سياق إنهاء العنف ضد المرأة تعترضها الكثير من العقبات والتحديات، وتتحرك ببطيء شديد، خاصة في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي، وعدم توحيد النظام السياسي وتراكم المشكلات الاقتصادية وشح فرص العمل، وارتفاع مستويات البطالة، وتوسيع دائرة التهميش لذوي الاحتياجات الخاصة.
وعليه يطالب مركز الميزان لحقوق الإنسان المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته الأخلاقية والقانونية تجاه السكان في الأراضي الفلسطينية ولاسيما النساء والفتيات، واتخاذ كافة التدابير الكفيلة بتفعيل آليات الحماية لحقوق المرأة لاسيما حقها في الحياة، من خلال تفعيل إجراءات التحقيق في الجرائم التي ارتكبتها قوات الاحتلال بحق النساء، والعمل على ملاحقة ومحاسبة كل من تثبت إدانتهم بارتكاب جرائم حرب من الإسرائيليين ومن أمروا بارتكاب هذه الجرائم وخاصة تلك التي راح ضحيتها نساء.
كما يدعو المركز إلى تحقيق المساواة والقضاء على كافة أشكال العنف والتمييز ضد المرأة وحماية الأسر والنساء من الاضطهاد والتمييز وتعزيز دور المرأة الريادي، ومراجعة وتفعيل القوانين والسياسات الرامية إلى إنهاء العنف ضد النساء، والسعي نحو تحقيق العدالة وتوفير خدمات الدعم النفسي والاجتماعي والرعاية الصحية، وتمكين النساء عبر التصدي للعنف والتمييز القائم على الجنس. كما يطالب السلطة الوطنية الفلسطينية بالشروع الفوري في تحويل التزاماتها بموجب الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) إلى واقع فعلي على الأرض، وإنهاء إفلات القتلة فيما يسمى بجرائم الشرف من العقاب.
انتهى