بيانات صحفية

في الذكرى الثالثة والسبعين للنكبة

تتواصل سياسة التهجير القسري والتطهير العرقي واستهداف المدنيين وممتلكاتهم في ظل تغييب المحاسبة وقواعد العدالة

    شارك :

15 مايو 2021 |المرجع 38/2021

يصادف السبت الموافق 15 مايو 2021، الذكرى الثالثة والسبعون لنكبة الشعب الفلسطيني، والتي تخللها أكبر جريمة تهجير قسري وتطهير عرقي، أجبر خلالها مئات آلاف الفلسطينيين على ترك منازلهم وممتلكاتهم وأراضيهم.

 

وتحل الذكرى هذا العام وما زالت سيناريوهات النكبة تتكرر حيث تجري عمليات تهجير سكان القدس والاستيلاء على منازلهم، والتي كان آخرها محاولة طرد عشرات الأسر من سكان حي الشيخ جراح من مساكنهم في محاولة لسرقة منازلهم، وإحلال مستعمرين مكانهم.

 

وتستمر الاعتداءات الإسرائيلية ضد السكان المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم، ولاسيما في الهجوم المتواصل على قطاع غزة والذي تواصل فيه قوات الاحتلال انتهاكاتها الجسيمة لقواعد القانون الدولي، باستهدافها الواسع والمنظم للبنايات والمنازل السكنية وفي قصف المنازل على رؤوس ساكنيها والتي كان آخرها فجر اليوم تدمير منزل على رؤوس الأطفال والنساء في مخيم الشاطئ. وفيما تتواصل عمليات التحريض والانتقام العنصرية من الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، تواجه قوات الاحتلال المسيرات الاحتجاجية السلمية في الضفة الغربية بالرصاص الحي ما أوقع عشرات الشهداء والجرحى في صفوفهم.

 

 وتواصل سلطات الاحتلال تشديد حصارها بشكل مطلق على قطاع غزة وتستهدف البنى التحتية المدنية من طرق معبدة وشبكات توصيل الكهرباء والمياه. مركز الميزان لحقوق الإنسان يطالب المجتمع الدولي بمغادرة مربع تصريحات القلق والأسف إلى إجراءات وتدابير عملية توقف تهجير الفلسطينيين قسرياً وتوقف الاعتداءات اليومية التي يتعرضون لها وتوفر لهم الحماية من الجرائم المرتكبة بحقهم، وتكفل إلزام دولة الاحتلال باحترام القانون الدولي وتطبيق قرارات الشرعية الدولية.

 

وتشير أعمال الرصد والتوثيق التي يواصلها مركز الميزان إلى أن عدد الشهداء في اليوم الخامس للعدوان ارتفع إلى (139) شهيداً، من بينهم (39) طفلاً، و(22) سيدة. كما أصيب (725) آخرين بجراح مختلفة، من بينهم (145) طفلاً، و(116) سيدة. كما بلغ عدد البنايات المستهدفة (51) بناية، من بينها (3) أبراج، تمكن مركز الميزان من توثيق (219) وحدة سكنية، والعدد مرشح للارتفاع لأن عدداً كبيراً من البنايات مدمرة كلياً ولم يتمكن باحثو المركز من حصر عدد الوحدات السكنية في كل بناية بسبب تهجير سكانها من المنطقة، و(7) مدارس، و(4) مساجد، ولحقت أضرار جزئية في مئات منازل وممتلكات المواطنين الخاصة، ودمرت مئات المنشآت والمقرات الحكومية والمصارف. كما رصد باحثو المركز أضراراً كبيرة في شبكات توصيل التيار الكهربائي الهوائية والأرضية وشبكات توصيل المياه وتخريب واسع النطاق لآلاف الأمتار المربعة من الطرق المرصوفة.

 

ويستحضر الفلسطينيون في هذا الوقت من كل عام نكبتهم، حيث تشير بيانات الجهاز المركزي للإحصاء أن الاحتلال الإسرائيلي سيطر خلال النكبة في العام 1948 على (774) قرية ومدينة فلسطينية، حيث تم تدمير (531) منها بالكامل وما تبقى تم اخضاعه إلي دولة الاحتلال وقوانينه، ونجم عن النكبة تشريد ما يربو عن (800) ألف فلسطيني، وهم من أصل (1.4) مليون فلسطيني كانوا يقيمون في فلسطين التاريخية عام 1948. ومنذ ذلك التاريخ تضاعف أعداد الفلسطينيين وأصبح عددهم في نهاية عام (2020) نحو (13.7) مليون نسمة، مما يشير إلى تضاعفهم حول العالم أكثر من (9) مرات، أكثر من نصفهم (6.8) مليون نسمة يقيمون في فلسطين التاريخية منهم (1.6 مليون في المناطق المحتلة عام 1948). وبحسب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فإن عدد اللاجئين المسجلين في كانون ثاني 2020 بلغ حوالي (6.3) مليون لاجئ فلسطيني، يعيش ما نسبته (28.4%) منهم في (58) مخيماً رسمياً تابع للأونروا في الأردن ولبنان، وسوريا، والضفة الغربية وقطاع غزة.

 

وتؤكد المعطيات أن واقع اللاجئين الفلسطينيين ازداد مأساويةً وحياتهم أصبحت محفوفة بالمخاطر، جراء استمرار الانتهاكات الإسرائيلية وتكريس الحصانة والإفلات من العقاب، وتبدّل وتغيّر أولويات العالم وتدهور الأوضاع الإنسانية والمعيشية على نحو غير مسبوق؛ وصمت المجتمع الدولي وغياب آليات الحماية الحقيقية، وعدم تلبية أدنى متطلبات الحياة الكريمة. كما لازال اللاجئون الفلسطينيون هم ومساكنهم وممتلكاتهم عرضة للاستهداف، ويتواصل حرمانهم من حقوقهم الأصيلة في العودة وتلك الحقوق التي كفلتها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، إذ تتعمق أزمة السكن بين صفوف اللاجئين في ظل ضعف الخدمات الصحية والتعليمة، وانعدام المرافق والبنى التحية والبيئة النظيفة، وانعدام فرص العمل، وارتفاع معدلات البطالة والفقر.

 

وتواصل دولة الاحتلال تطبيق سياسة التمييز العنصري والاضطهاد بحق الفلسطينيين، وتحرص على إبقاء السيطرة والهيمنة الإسرائيلية اليهودية على التركيبة السكانية في الداخل. وتواصل مصادرة الأراضي ونزع ممتلكات الفلسطينيين، وتفتيت وحدة الأراضي الفلسطينية وعزل السكان وفصلهم قسرياً في مختلف الأراضي الفلسطينية وتفرض قيودا مشددة على حرية الحركة واستخدام الأراضي والموارد. وتستمر في تغيير معالم الأراضي الفلسطينية وتدعم الأنشطة الاستيطانية، وتواصل الاستيلاء على المزيد من الأراضي وسرقة المنازل كما يجري في القدس وخاصة في حي الشيخ جراح، فضلاً عن مواصلة استهداف الأعيان والممتلكات المدنية، واستمرار إيقاع العقاب الجماعي على نحو 2 مليون انسان في قطاع غزة.

 

وتعليقاً على هذه التطورات، يقول السيد عصام يونس مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان، أن اللاجئين الفلسطينيين منذ نكبة 1948 وهم يناضلون للحفاظ على كرامتهم ويتطلعون إلى العودة إلى ديارهم التي هجروا منها، تتكرر فصول مأساتهم ويلاحقهم التهجير القسري في ظل غياب مبدأ المحاسبة وإهدار حقوقهم الأساسية وهو ما يستوجب من المجتمع الدولي الوفاء بواجباته القانونية والأخلاقية لحمايتهم وتمكينهم من حقوقهم."

 

مركز الميزان لحقوق الإنسان إذ يستنكر مواصلة سلطات الاحتلال انتهاكاتها الجسيمة والمنظمة لقواعد القانون الدولي ولاسيما تكريس استعمارها الإحلالي وسياسة الفصل العنصري والتطهير العرقي واستهداف المدنيين وممتلكاتهم بشكل منظم وواسع النطاق، فإنه يطالب المجتمع الدولي بالضغط على سلطات الاحتلال من أجل وقف الجرائم المتواصلة بحق السكان المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة عامةً والمدينة المقدسة خاصة، ووقف مخططات التهجير القسري، وتوفير الحماية الدولية العاجلة للفلسطينيين كخطوة أولى نحو إعمال قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي المتعلقة بالصراع في المنطقة، لا سيما حق اللاجئين في العودة والتعويض وتقرير المصير.

 

انتهى