بيانات صحفية

في اليوم العالمي للقضاء على الفقر

الميزان يؤكد مسؤولية الاحتلال الإسرائيلي عن تردي الأوضاع المعيشية للفلسطينيين وارتفاع نسب البطالة والفقر. ويدعو المجتمع الدولي لتحمل التزاماته في وضع حد لتدهور الأوضاع الإنسانية

    شارك :

17 أكتوبر 2018 |المرجع 94/2018

يصادف اليوم الأربعاء الموافق 17 من تشرين الأول/ أكتوبر من العام 2018م، اليوم العالمي للقضاء على الفقر، الذي أقرّته الجمعية العامة للأمم المتحدة ويحتل الهدف الأول من بين مقاصد وأهداف الأمم المتحدة ال(17) والتي اعتمدها قادة العالم نحو تحقيق التنمية المستدامة وتحويل العالم.

ويشكّل هذا اليوم مناسبة خاصّة للفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة ولاسيما في قطاع غزة لإبراز معاناتهم وتذكير المجتمع الدولي بواجباته القانونية والأخلاقية، حيث ما يقارب من ثلث السكان بواقع (29.2%) يعيشون دون خط الفقر الوطني، وتجدر الملاحظة أن نصف سكان قطاع غزة البالغ عدد سكانه ما يقارب من مليوني نسمة يعيش ما نسبته (53.0%) تحت خط الفقر بسبب الاحتلال الإسرائيلي واجراءاته، خاصة القيود المفروضة على عمل المعابر والحواجز التي تربط الأراضي الفلسطينية ببعضها وبدولة الاحتلال وبالعالم الخارجي، والحصار غير القانوني وغير الإنساني المفروض على قطاع غزة  منذ العام 2007م.

ففي الضفة الغربية والقدس المحتلة، تواصل سلطات الاحتلال سياسة الاستيلاء على الأراضي ومصادر المياه وإنشاء وتوسيع المستوطنات وإقامة الجدار والحواجز العسكرية، وتفصل الأحياء العربية عن بعضها البعض، وتواصل قوات الاحتلال والمستوطنين استهداف الممتلكات الزراعية من خلال اقتلاع وحرق الأشجار والمحاصيل الزراعية في قرى ومحافظات الضفة الغربية، كما تُفرض ضرائب باهظة على الفلسطينيين، ما تسبب في نتائج اجتماعية واقتصادية مدمّرة لعبت دوراً جوهرياً في توسيع ظاهرة الفقر وزيادة أعداد الفقراء في الضفة الغربية المحتلة.

وفي قطاع غزة تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي استهداف القطاعات الاقتصادية الرئيسة، مثل: الزراعة، والصناعة؛ والإنشاءات، والسياحة. من خلال عمليات الاستهداف الجوي والبري والبحري، وتواصل الحصار المشدد الذي عزلت من خلاله قطاع غزة عن محيطه الجغرافي وفرضت قيوداً مشددة على حرية حركة وتنقل السكان والبضائع منذ أيلول/ سبتمبر 2007م، بعد أن أعلنت سلطات الاحتلال قطاع غزة كياناً معادياً وشطبت كوده الجمركي وأصبحت تمنع دخول وخروج السكان والبضائع من القطاع وإليه الأمر الذي حال دون قدرة المنشآت الصناعية على استيراد المواد الخام وتصدير المواد المصنعة نتيجة توقف دوران عجلة الإنتاج في العديد من المنشآت، الأمر الذي قوّض من أسس الاقتصاد الوطني، وأفقد عشرات آلاف العمال مصادر دخلها وفاقم من معدلات الفقر بين الأسر.

ووفق الجهاز المركزي للإحصاء بلغت معدلات البطالة في الربع الثاني من العام (2018م) في الأراضي الفلسطينية المحتلة (32.4%) في صفوف المشاركين في القوى العاملة، وتجدر الإشارة بأنه ما يزال التفاوت كبيراً في معدل البطالة بين الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث بلغ في قطاع غزة (53.7%) مقابل (19.1%) في الضفة الغربية، وعلى مستوى الجنس فقد بلغ (26.4%) للذكور مقابل (53.7%) للإناث، كما يواجه العمال ظروف بالغة القسوة على صعيد قيمة الأجور حيث تقدر ما نسبته (32.8%) من المستخدمين بأجر في القطاع الخاص يتقاضون أجراً شهرياً أقل من الحد الأدنى للأجر (1,450 شيقلاً) في فلسطين.

 

وتزداد معاناة سكان الأراضي المحتلة هذا العام مع الأزمة المالية التي تعانيها الوكالة الدولية لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" نتيجة تقليص الولايات المتحدة الأمريكية لالتزاماتها المالية تجاهها، ما تسبب في تقليص خدمات الوكالة وتسليمها رسائل فصل من العمل لعدد (125) من موظفيها، وتحويل حوالي (570) موظفاً للعمل بوظائف جزئية حتى نهاية العام الحالي، وهو ما يهدد عوائلهم بالفقر ويزيد من نسبة البطالة.

كما ساهم الانقسام السياسي الفلسطيني في تردي الأوضاع المعيشية للسكان، سواء من خلال التضارب في القوانين الضريبية وطرق الجباية وازدواجية الضرائب، أو الحسومات التي طالت رواتب الموظفين العموميين، ما أسهم في زيادة الأعباء المالية على المواطنين، وأدخل الآلاف إلى فئة الفقراء.

وتشير المؤشرات الرسمية إلى  ارتفاع نسب الفقر والفقر المدقع في الأراضي الفلسطينية المحتلة حيث تستند إحصائيات الفقر في الأراضي الفلسطينية إلى موازنة الاحتياجات الأساسية لأسرة تتألف من (5) أفراد: (2 بالغين و3 أطفال)، وتشير المعايير الرسمية إلى أن خط يساوي الفقر حوالي (686) دولار، بينما خط الفقر المدقع حوالي (548) دولار. وبناءً عليه قدّرت نسبة الفقر بين الأفراد وفقا لأنماط الاستهلاك الشهري خلال عام 2017م بـ(29.2%) في الأراضي الفلسطينية  بواقع (13.9%) في الضفة الغربية و(53.0%) في قطاع غزة. كما بلغت نسبة الفقر المدقع في فلسطين (16.8%)، بواقع (5.8%) في الضفة الغربية و(33.8%) في قطاع غزة. مع الأخذ في الاعتبار أنّ حوالي 50% من الأسر الفقيرة في فلسطين تتلقى مساعدات إغاثية، بمعنى أن النسبة كانت ستكون أكبر بدونها حيث خفضت المساعدات معدل الفقر بنسبة (4.5%) تقريباً.

يشدّد مركز الميزان لحقوق الإنسان في اليوم العالمي للقضاء على الفقر، على التداعيات الخطيرة للفقر على الحقوق الأساسية للإنسان حيث تشمل مظاهره الجوع وسوء التغذية، وضآلة الحصول على التعليم والصحة وغيرها من الخدمات الأساسية والاستبعاد من المجتمع، وبناءً عليه يؤكد على أن ممارسات قوات الاحتلال الإسرائيلي تجاه المدنيين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في الحصار المفروض ومواصلة تدمير البنية التحتية الفلسطينية واستهداف القطاعات الصناعية والزراعية والتجارية تشكل مخالفة واضحة وصريحة لمبادئ القانون الدولي الإنساني، وقانون حقوق الإنسان ولا سيما العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

ويطالب مركز الميزان المجتمع الدولي بتحمل التزاماته القانونية والأخلاقية تجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، والعمل الجدّي على رفع الحصار المفروض على قطاع غزة، وتقديم مساعدات فاعلة من شأنها أن تُعيد ترميم البنية التحتية للاقتصاد الوطني، وتضمن تشجيع الحكومة الفلسطينية على تبني سياسات تراعي مصالح الفقراء والمهمشين، بما يضمن خلق فرص عمل تستوعب عشرات آلاف العاطلين عن العمل. كما ينبغي تنفيذ نظم الحماية الاجتماعية المساعدة لتخفيف المعاناة في الأراضي الفلسطينية عبر مواجهة الانتهاكات، والعمل على انهاء أزمة الأونروا كسبيل للحد من ظاهرة الفقر ووقف تفاقمها وتقليص عدد الفقراء بشكل تدريجي.

كما يطالب المركز الحكومة الفلسطينية، بالعمل الجاد والسريع على تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين الفلسطينيين عامة واستحداث نظم وتدابير حماية اجتماعية ملائمة على الصعيد الوطني وتحقيق تغطية واسعة للفقراء وبناء قدراتهم على الصمود وتفعيل السياسات والاستثمار في الإجراءات الرامية للقضاء على الفقر.

 

انتهى