تقارير و دراسات

ورقة موقف: حول التشريع الالكتروني ومدى مراعاة الحقوق والحريات العامة

    شارك :

12 سبتمبر 2017

يشكل القانون حاجة ماسة باستمرار لتنظيم حياة المجتمعات وتنظيم العلاقة بين الأفراد والجماعات وبين السلطات وبين الأخيرة وأفراد المجتمع. وفي ظل التطورات الهائلة والمتسارعة التي تشهدها الحياة العصرية والتي تخلق أوضاعاً ومشكلات من نمط جديد، فإن التشريع يحتاج دوماً لمواكبة تلك التطورات، سيما الالكترونية منها من أجل؛ إرساء حماية فعالة لمصالح المجتمع وأفراده، غير أن تلك الحماية يجب أن تعزز الحقوق والحريات العامة لا أن تنتقص منها، فاحترامها يعتبر أداة قياس موضوعية لاحترام الدولة لكرامة الفرد وحقه الأصيل في الخصوصية.

وبمعزل عن الظروف الاستثنائية التي تمر بها الأراضي الفلسطينية المحتلة، في ظل الانقسام السياسي الداخلي، والسيولة غير المسبوقة في سن القوانين وتعديلها على نحو لا يراعي الأصول ويخالف القواعد الدستورية الناظمة، إلا أن الجميع يُقر بأهمية تطوير القوانين بما يعزز الحقوق والحريات العامة والخاصة ويحميها. وأمام الواقع الذي يشير إلى استمرار السلطة الوطنية الفلسطينية في رام الله، والمجلس التشريعي في غزة (يقتصر عمله في الغالب على كتلة التغيير والإصلاح البرلمانية)، في إقرار قوانين وتعديلات قانونية جديدة وتنفيذها، فإن مركز الميزان لحقوق الإنسان يُقدم قراءة موضوعية لمدى تأثير تلك القوانين وتعديلاتها على حالة حقوق الإنسان.

شهدت الأراضي الفلسطينية المحتلة تطورات على هذا الصعيد تمثلت بإصدار الرئيس الفلسطيني بتاريخ 24/6/2017م القرار بقانون رقم (16) لسنة 2017م، بشأن الجرائم الالكترونية، بناءً على تنسيب من مجلس الوزراء بتاريخ 20/6/2017م، ونُشر في جريدة الوقائع الفلسطينية بتاريخ 9/7/2017م. الذي أصبح ساري المفعول في الضفة الغربية.

وكان المجلس التشريعي الفلسطيني في غزة (كتلة التغيير والإصلاح) في جلسته المنعقدة بتاريخ 25/5/2009م في مدينة غزة، أصدرت القانون رقم (3) لسنة 2009م، المعدل لقانون العقوبات رقم (74) لسنة 1936م، والذي تناول في مادته رقم (262) مكرر اساءة استخدام التكنولوجيا.[1] الساري المفعول في قطاع غزة.

وفي ظل ما أثاره القرار بقانون بشأن الجرائم الالكترونية من ردود أفعال في الضفة الغربية من جهة، وما يثيره التعديل القانوني في قطاع غزة من جهة ثانية، من التباسات على نحو يقيد من حرية الرأي والتعبير. يقدم مركز الميزان لحقوق الإنسان هذه الورقة للوقوف على مدى انسجام القانون والتعديل واحترامهما للضمانات الدستورية الخاصة بالحقوق والحريات، ومدى انسجامهما مع الالتزامات الناشئة عن انضمام دولة فلسطين للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، ولاسيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والقرار رقم (167/68) الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في كانون الأول/ ديسمبر 2013م، بشأن عدم جواز التدخل في استخدام الأفراد للفضاء الالكتروني.

وفي هذا السياق وثق مركز الميزان لحقوق الإنسان؛ قيام الأجهزة الأمنية في قطاع غزة، منذ بداية العام الجاري، بالاستدعاء الهاتفي والمكتوب غير المقترن بأمر قضائي- في الغالبية العظمى من الحالات-، لحوالي (95) من المواطنين خاصة نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي للحضور إلى مقرات أجهزة الأمن وجرى الإفراج عنهم في أوقات لاحقة، وذلك على خلفيات متباينة من بينها اساءة استخدام التكنولوجيا، وأصدر النائب العام في رام الله قرار يقضي بحجب عدد من المواقع الالكترونية، بالإضافة إلى احتجاز ستة صحفيين، والناشطين أيمن القواسمي وعيسى عمرو.

تستعرض هذه الورقة التنظيم القانوني الفلسطيني الذي ينظم عمليات احتجاز واستدعاء الأشخاص والدخول لمنازلهم وتفتيشها، والتنظيم القانوني الدولي الذي حظر الاحتجاز التعسفي، وكذلك قواعد المسائلة التي منحها المشرع للنائب العام في حال تجاوز مأموري الضبطية القضائية[2] حدود الأعمال المناطة بهم[3]. وتخلُص الورقة في الختام إلى مجموعة من التوصيات في هذا الجانب.

 

[1] انظر جريدة الوقائع العدد (75) الصادرة في قطاع غزة.

[2] مأموري الضبط القضائي بموجب المادة (21) من قانون الاجراءات الجزائية رقم (3) لسنة 2001م، هم:

  • مدير الشرطة ونوابه ومساعدوه ومديرو شرطة المحافظات والإدارات العامة. -2   ضباط وضباط صف الشرطة، كل في دائرة اختصاصه.
  • رؤساء المراكب الجوية والبحرية. -4 الموظفون الذين خولوا صلاحيات الضبط القضائي، بموجب القانون"

[3] انظر المادة (19/2)، والمادة (22) من قانون الاجراءات الجزائية رقم (3) لسنة 2001م.