بيانات صحفية

في اليوم العالمي للقضاء على التمييز العنصري

مركز الميزان يطالب المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات فعّالة للقضاء على نظام الفصل العنصري الإسرائيلي

    شارك :

21 مارس 2017 |المرجع 16/2017

يصادف اليوم الثلاثاء الموافق 21 آذار/ مارس 2017، اليوم العالمي للقضاء على التمييز العنصري، وهي مناسبة سنوية هامة للتأكيد على الالتزام ببناء عالم تسوده العدالة والمساواة واحترام الكرامة الإنسانية، ويخلو من التمييز العنصري. وترافقت المناسبة مع الجدل الذي أحدثه تقرير (الإسكوا) الذي يؤكد أن إسرائيل تقيم نظاماً للفصل العنصري. هذا الجدل الذي أظهر - كما في مرات عديدة - تسييس قضايا حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني عندما يتعلق الأمر بالأراضي الفلسطينية المحتلة. وليس أدل على ذلك من الضغوط التي مورست ودفعت بالأمين العام إلى أن يضحي بقيم الأمم المتحدة ويقرر سحب التقرير ما دفع بالأمينة العامة للإسكوا للاستقالة.

ويؤكد التقرير أن إسرائيل أسست نظاماً للفصل العنصري يهيمن على الشعب الفلسطيني بأكمله، وأن الوقائع والأدلة تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن إسرائيل بسياساتها وممارساتها ترتكب جريمة الفصل العنصري كما تعرفها مواد القانون الدولي.

هذا وأوضح التقرير بعض أشكال التمييز العنصري الذي تمارسها سلطات الاحتلال بدءاً من القانون الأساسي الإسرائيلي الذي يحظر نقل أو استخدام أو تطوير الأراضي التي تحتفظ فيها إسرائيل لغير اليهود. قانون العودة الإسرائيلي الذي يمنح اليهودي أيا كان بلده الأصلي حق دخول إسرائيل والحصول على جنسيتها، في حين يُحجب عن الفلسطينيين أي حق مماثل بصرف النظر عما يحملونه من وثائق وإثباتات. ويوضح التقرير أنه منذ عام 1967، يعيش الشعب الفلسطيني في أربعة "فضاءات"، يُعامل فيها السكان الفلسطينيون معاملة مختلفة في الظاهر، لكنهم يتشاركون في الواقع اضطهادا عنصرياً في ظل نظام تمييز وفصل عنصري. كما يظهر التقرير بعضاً من أوجه التمييز العنصري الواضحة التي تمارس بحق الفلسطينيين الذين يقطنون أراضي ٤٨ والقدس الشرقية، فيما يؤكد أن الفلسطينيين الذين يقطنون الأراضي الفلسطينية المحتلة عام ٦٧ يخضعون لنظام يتطابق تماما مع تعريف التمييز والفصل العنصري في اتفاقية مناهضة التمييز العنصري. ويشمل الرابع ملايين الفلسطينيين اللاجئين والمنفيين قسراً الذين يعيش معظمهم في البلدان المجاورة ويحظر عليهم العودة إلى ديارهم في إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة، وتبرر إسرائيل رفضها عودة الفلسطينيين بعبارات عنصرية صريحة.[1]

وتأخذ هذه الممارسات شكلاً منظماً سواء في الداخل بحق الفلسطينيين الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية، حيث تحول دون تمتعهم بحقوق المواطنة، وتحاصر تجمعاتهم السكنية، وتمنع تطوير مناطقهم، يل وصعّدت من هدم منازلهم بذريعة عدم حصولهم على التراخيص اللازمة، التي ترفض منحهم إياها. وفي معرض سعيها لتغيير طابع مدينة القدس العربي، (الإسلامي والمسيحي) تصّعد من سياسة التهجير القسري عبر هدم منازل الفلسطينيين، ومنعهم من البناء أو حتى التعديل في مساكنهم، وتفصل الأحياء السكنية الفلسطينية عن المدينة المحتلة، وتفرض إجراءات مشددة على دخول البلدة القديمة في المدينة، وتقيم الحواجز العسكرية على مداخلها وتنكل بسكانها، وتمعن في أعمال الاعتقال وما يرافقها من تعذيب ومعاملة مهينة، وتستهدف المتظاهرين سلمياً بالرصاص الحي وغيره من أدوات القمع، وتخلق حالة من الخوف والهلع في صفوف الفلسطينيين من خلال اتاحة وتشجيع استخدام الأسلحة من قبل الجنود وأفراد الشرطة وحتى المستوطنين ضد المدنيين الفلسطينيين العزل، كما تفرض ضرائب باهظة على نشاطهم التجاري وتمارس سياسة خنق اقتصادي تسهم في إجبار الفلسطينيين على مغادرة المدينة. وبالمقابل نجد قوات الاحتلال تعزز من تواجد الإسرائيليين اليهود في المدينة، فهي تمدهم بالأسلحة، وتساعدهم في الاستيلاء على منازل الفلسطينيين، وتسهل حصولهم على رخص البناء وإقامة الجمعيات والمؤسسات التي تعزز وجودهم في المدينة.

وفي الضفة الغربية، تستولي على مصادر المياه، وتصادر الأراضي، وتنشئ وتتوسع في المستوطنات، وتفصل المدن والقرى في الضفة الغربية عن بعضها البعض، وتواصل إقامة جدار الفصل العنصري الذي ابتلع 58% من أراضي وممتلكات الفلسطينيين، ما تسبب في نتائج اجتماعية واقتصادية مدمرة على الفلسطينيين،  في حين يتوسع المستوطنون في إقامة المزيد من الوحدات الاستيطانية، وتعبد لهم الطرق المنفصلة عن طرق الضفة الغربية، وتضخ لهم المياه المنهوبة من أراضي الضفة المحتلة، وتوفر لهم جميع أشكال الحماية، ويعفون من الضرائب والرسوم في معرض دعم دولة الاحتلال لهم.

وتواصل سلطات الاحتلال حصار قطاع غزة وعزله عن امتداده الجغرافي مع الضفة الغربية وعن العالم، فيما تتواصل معاناة سكانه نتيجة للاعتداءات العسكرية واسعة النطاق التي دمرت عشرات آلاف المنازل والمنشآت المدنية والبنية التحتية وتحول حتى اليوم دون تسريع عمليات إعادة الإعمار ما يبقي ٤٥.٠٠٠ مشرد من سكان المنازل المدمرة. هذا بالإضافة إلى معاناة كبيرة لعشرات آلاف السكان جراء قتل أبنائهم وأمهاتهم وفقدان آلاف الأسر لمعيلها الوحيد، بالإضافة إلى استمرار معاناة آلاف الجرحى ولاسيما من فقدوا الأطراف أو تسببت جراحهم بإعاقات دائمة. ويفضي الحصار إلى تدهور مستمر في الأوضاع الإنسانية وحالة حقوق الإنسان، حيث تسبب في تدهور مستويات المعيشة وتفاقم من مشكلات البطالة والفقر وغيرها من المشكلات الاجتماعية بشكل غير مسبوق ويهدد بتقويض أسس استقرار المجتمع.

مركز الميزان لحقوق الإنسان إذ يعبر عن استنكاره الشديد لاستمرار وتصاعد سياسة التمييز والفصل العنصري التي تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وإذ يرحب بتقرير الإسكوا وإذ يقدر جرأة وشجاعة مديرة الإسكوا المستقيلة، فإنه يعبر عن أسفه الشديد لقرار الأمين العام للأمم المتحدة بسحب التقرير.

ويعيد مركز الميزان تأكيده على أن استمرار تسييس قضايا حقوق الإنسان، والتضحية بقيمها لاعتبارات سياسية من قبل المجتمع الدولي - والذي يأتي سحب تقرير الإسكوا في سياقه – شكل عاملاً رئيساً وراء استمرار الانتهاكات الإسرائيلية، في ظل شعور عارم بالحصانة ضد الملاحقة والمسائلة عن انتهاكات قواعد القانون الدولي.

وارتباطاً بتوصيات تقرير الإسكوا فإن مركز الميزان يدعو المجتمع الدولي باتخاذ تدابير عملية وفقا للقانون الدولي لممارسة الضغط على إسرائيل لتفكيك نظام الفصل العنصري ووضع حد للوضع الراهن، وتمكين الشعب الفلسطينيين من ممارسة حقه في تقرير المصير. كما يدعو المجتمع الدولي إلى الكف عن التذرع بالعملية السياسة، الميتة أصلاً، وإعطاء السلام فرصة كسبيل للتحلل من التزاماتها القانونية والأخلاقية تجاه الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة.

ويشدد المركز إلى أن السبيل الوحيد لتحقيق السلام يمر عبر ضمان احترام قواعد القانون الدولي، ومعاقبة مجرمي الحرب، واتخاذ خطوات جدية لتفعيل توصيات محكمة العدل الدولية في رأيها الاستشاري عام ٢٠٠٤، واتخاذ تدابير فعّالة لتطبيق توصيات تقرير الإسكوا، احتراماً للقيم التي تشكل قاسماً مشتركا بين البشرية وتجمع عليها الأسرة الدولية وهي متمثلة في ميثاق الأمم المتحدة، وفي اتفاقيات حقوق الإنسان كافة.

انتهى

 

[1]  جدير ذكره أن الأمينة التنفيذية للإسكوا ريما خلف تعرضت لضغوط من الأمين العام للأمم المتحدة لسحب التقرير، وسحب بالفعل بعد يومين من تاريخ نشره، وعلى خلفية ذلك قدمت خلف استقالتها، مؤكدة أنها لا تستطيع أن تخالف مبادئها الإنسانية وضميرها.