بيانات صحفية

إسرائيل تواصل حرب الإبادة على قطاع غزة وتصعد من جرائم القتل الجماعي واستخدام التجويع كسلاح

مركز الميزان يطالب المجتمع الدولي بالتدخل العاجل وتفعيل الالتزامات الدولية لوقف جريمة الإبادة الجماعية

    شارك :

2 يوليو 2025

نشر في 2 يونيو 2025

تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ تاريخ 2/3/2025، إغلاق معابر قطاع غزة بشكل مطلق، وتمنع إدخال الإمدادات الإنسانية عن الفلسطينيين، وتتعمد تدمير كافة مقومات الحياة الأساسية والإنسانية، في وقت يسجل فيه انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية والمجاعة مستويات غير مسبوقة، نتيجة عدم قدرة الأسر الحصول على الغذاء وتلبية احتياجاتها الأساسية، كما تواصل هجماتها الحربية، وتدمر المنازل ومراكز الإيواء والخيام على رؤوس ساكنيها، وتستهدف منتظري المساعدات الإنسانية.

وتسبب هذا الحصار المشدد بفقدان مختلف السلع والمواد الغذائية من الأسواق، وما تبقى منها ارتفعت أسعاره بشكل جنوني، إذ ارتفع سعر كيس الدقيق 25 كيلو جرام من 5 دولار للكيس الواحد إلى 500 دولاراً، وسط صعوبة إيجاده، كما ارتفعت أسعار الأرز من دولار واحد للكيلو الواحد إلى 13 دولار، وزيت الطهي من دولار ونصف للتر الواحد إلى 18 دولار، ووصل سعر كيلو الطماطم إلى 15 دولاراً، وكيلو البصل إلى 25 دولارات في حين فقدت تماماً بعض المواد الغذائية الأخرى كاللحوم والبيض وبعض أنواع الخضراوات.

وتستمر إسرائيل في منع دخول الإمدادات الطبية إلى قطاع غزة بالتوازي مع منع إمدادات الغذاء، ما عمق من أزمة الجوع، وأثر علاج حالات سوء التغذية بالمحاليل الطبية والفيتامينات، وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية، فإن أطفال قطاع غزة في أشد مراحل سوء التغذية وتصعب متابعتهم طبياً بسبب نقص الأدوية العلاجية وحليب الأطفال، كما تنعدم التغذية المناسبة والأدوية للأمهات الحوامل ينعكس بشكل خطير على المواليد خاصة الأطفال الخدج، ومع انعدام مصادر التغذية السليمة ومياه الشرب الصالحة، ترتفع المخاطر على حياة 602 ألف طفل في قطاع غزة يتهددهم خطر الإصابة بشلل الأطفال، في الوقت الذي تمنع فيه إسرائيل إدخال التطعيمات اللازمة للوقاية من مرض شلل الأطفال.

كما قلصت المستشفيات والمراكز الصحية خدماتها إلى الحد الأدنى، حيث أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أن آلاف المواطنين لا سيما الأطفال يتوافدون إلى مستشفياتها بسبب سوء التغذية وفقر الدم، في حين لا تقوى المستشفيات على تقديم مساعدة فعلية نتيجة منع دخول الأدوية والمستلزمات الطبية. في حين بلغ عدد الأطفال المصابين بسوء التغذية 17,000 طفل، من بينهم 5,000 مصابون بسوء التغذية الحاد. في حين عدد الأطفال الذين توفوا بسبب سوء التغذية بلغ 66 طفلاً.

وفاقم منع إدخال الوقود على الحالة الإنسانية المنهارة أصلاً في غزة، وتسبب في توقف خدمات أغلب المستشفيات والبلديات، ومرافق لا غنى عنها وحياة السكان، كآبار المياه وخدمات الصرف الصحي، وجمع النفايات، ما ينذر بتفاقم الكارثة الصحية وانتشار الأمراض والأوبئة، لا سيما مع تكدس الناس في مخيمات النزوح ذات الكثافة السكانية العالية. وفي هذا السياق، أعلن مجمع الشفاء الطبي عن توقف خدمة غسيل الكلى، بسبب نقص الوقود. وحسب مدير مستشفيات قطاع غزة، فإن 1200 مريض كلى تعتمد حياتهم على جلسات غسيل الكلى، بعدما فقد القطاع حوالي 50% من مرضى الفشل الكلوي منذ بداية العدوان على قطاع غزة.

ومع تشديد الحصار، دفع المدنيين قسراً إلى التزاحم على ما بات يعرف بنقاط التوزيع الأمريكية الإسرائيلية، التي روج لها على أنها منافذ إنسانية، صممت في الواقع لتكون مصائد موت، حيث تكررت فيها حوادث القتل الجماعي، ما يشير إلى نية مبيتة لقوات الاحتلال لاتخاذها وسيلة هندسية للتجويع والإذلال، وأداة لإهانة الكرامة الإنسانية وفرض الخضوع عبر استغلال الحاجة والضعف. فمنذ بدء عمل هذه النقاط بتاريخ 27/5/2025، قتلت قوات الاحتلال 583 مواطناً، وأصابت أكثر من 4186 آخرين، ممن تجمعوا للحصول على المساعدات الإنسانية.

ويتعرض المدنيون في قطاع غزة لحالة من التعطيش بالتوازي مع التجويع الممنهج، من خلال توقف ضخها إلى مناطق قطاع غزة، واستهداف محطات التحلية وآبار المياه، ومنع إدخال الوقود لعمل محطات المياه، ويضطر السكان للمشي مسافات طويلة لتعبئة المياه، وفي أغلب الأحيان يحصلون على المياه المسحوبة من الآبار الارتوازية، وهي مياه غير صالحة للشرب ولا تتم معالجتها قبل استعمالها، بحسب الصحة الفلسطينية، هناك 59,000 حالة إسهال منذ بداية العام الحالي، و 254,000 مرضى جهاز تنفسي، وسجلت 337 حالة إصابة بمرض السحايا، منها 259 حالة فيروسية.

في حين حذر الناطق باسم لجنة الطوارئ في بلدية غزة، من أن نحو 260 طن من النفايات المختلف مكدسة في مناطق متعددة، وسط ارتفاع درجات الحرارة، ما ينذر بتسرب العصارة السامة إلى الخزان الجوفي، وأن تراكم النفايات داخل التجمعات السكانية بات يشكل تهديداً كبيرا ًللصحة العامة.

وفي الوقت نفسه تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي هجماتها الحربية على مختلف مناطق القطاع، وصعدت من عمليات القصف المركز لتجمعات المدنيين داخل الأحياء السكنية، وتسبب عمليات الاستهداف المباشر للمدنيين في منازلهم وفي مراكز الإيواء والخيام إلى وقوع مجازر مروعة وسقوط أعداد كبيرة من الضحايا، معظمهم من الأطفال والنساء وكبار السن، وقتلت عائلات بأكملها. وكان آخر هذه الهجمات، القصف الذي طال كافتيريا الباقة غرب مدينة غزة، حيث قصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية عند حوالي الساعة 14:50 من مساء الإثنين الموافق 30/6/2025، كافتيريا الباقة الواقعة على شاطئ مدينة غزة، وأسفر القصف عن استشهاد 34 مواطناً، من بينهم 5 أطفال و10 نساء، وأصيب في الحادث 98 مواطناً، من بينهم 40 حالة وصفتها المصادر الطبية بالخطيرة.

وحول الحادث، أفاد المصر الصحافي سعيد محمد المجدلاوي بالتالي: أعمل كمصور صحفي لقناة الغد، عند حوالي الساعة 2:50 مساء يوم الإثنين 30/6/2025، وبينما كنت أصور تقريراً صحفياً عن الصيادين في ميناء غزة، سمعت صوت انفجار ضخم هز المكان، ورأيت الدخان والغبار يتصاعدان من الجهة الشمالية للميناء أين منطقة الكافيهات، ركبت سيارتي وتوجهت فوراً إلى هناك، وعندما وصلت صدمت من هول المنظر، فمن مدخل مخيم الشاطئ من شارع الرشيد بالقرب من دوار أبو حصيرة، كانت الإصابات تملأ المكان من المارة بالشارع والنازحين بالخيام في محيط المكان المستهدف، وعندما نزلت من السيارة، فوجئت بأن المكان المستهدف هو كافيه الباقة ... وكانت رائحة الدماء تملأ المكان، وعندما دخلت الكافيه، شاهدت أكثر من 30 جثة على الأرض بعضها ممزق بشكل كامل وعشرات الإصابات غالبيتهم من الأطفال والنساء... .

وترافقت الهجمات الحربية على قطاع غزة، مع أوامر إخلاء جديدة أطلقتها قوات الاحتلال في مناطق مختلفة من قطاع غزة خلال الأسبوعين الماضيين، لا سيما في محافظة غزة وشمل غزة، حيث أمرت سكان أغلب المحافظتين بالنزوح تجاه المحافظات الوسطى وخان يونس، وترافق ذلك مع شن هجمات عسكرية مكثفة على أحياء المحافظتين، ودفعت بالسكان للهرب من عمليات القصف المباشر، إلى النزوح في ظروف غير إنسانية وسط حالة من الهلع، ويلجئون إلى مناطق يدعى أنها إنسانية، ويواجهون ظروفاً قاسية نتيجة إجبارهم على إخلاء مساكنهم والنزوح إلى مناطق لا يتوفر فيها الحد الأدنى من المقومات الأساسية للحياة، ويترافق ذلك مع تدهور في مكونات البيئة وارتفاع معدلات التلوث وانتشار الأوبئة، ونقص المياه الصالحة للاستخدام ومياه الشرب والغذاء. بحسب مكتب الشؤون الإنسانية (OCHA)، فإن إسرائيل تسيطر على حوالي 82% من إجمالي مساحة قطاع غزة، تمنع المدنيين من التواجد فيها.

مركز الميزان لحقوق الإنسان، إذ يدين بشدة استمرار وتصاعد عمليات القتل الجماعي التي تقوم بها إسرائيل من خلال الهجمات الحربية والقصف المباشر والمكثف تجاه المدنيين، ومن خلال منع دخول الدواء والغذاء والوقود، واستمرار استخدام التجويع والتعطيش كسلاح، ونشر المجاعة في صفوف السكان، فإنه يؤكد في الوقت ذاته على أنها ليست سوى استمراراً لنهج الاحتلال القائم على القتل الممنهج، والتجويع، والحصار، وتدمير مقومات الحياة، والتهجير القسري، مؤكداً أن ما يحدث في غزة هو حرب إبادة جماعية متواصلة، تحدث في ظل صمت دولي مخز، وبتواطؤ من بعض الدول.

وعليه، يجدد المركز مطالبته للمجتمع الدولي بضرورة التدخل الفوري استناداً لالتزاماته القانونية بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، لإجبار دولة الاحتلال على وقف جريمة الإبادة الجماعية، وفرض وقف إطلاق النار، والإقلاع عن استخدام سياسة العقاب الجماعي والتجويع كسلاح، والعمل على حفظ أرواح المدنيين في قطاع غزة من خلال رفع الحصار وضمان استمرار تدفق المساعدات الإنسانية بأقصى حد، وتفعيل آليات المساءلة والمحاسبة، لضمان عدم إفلات المجرمين من العقاب، وتنفيذ أوامر الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية بحق نتنياهو وجالانت، فيما يتعلق بالتجويع واستخدامه كسلاح في الإبادة بحق المدنيين.