بيانات صحفية

إسرائيل تصعد من جرائمها تجاه المدنيين في غزة

الميزان يطالب المجتمع الدولي بالتدخل لوقف الإبادة الجماعية ويحذر من اتخاذ التصعيد الإقليمي غطاءً لارتكاب المزيد من الجرائم

    شارك :

23 يونيو 2025

نشر بتاريخ 21 يونيو 2025

تتعمد قوات الاحتلال الإسرائيلي وبشكل ممنهج شن هجماتها العسكرية ضد السكان المدنيين وممتلكاتهم، من خلال تدمير منازلهم ومراكز الإيواء والخيام في المناطق السكانية والإنسانية، وتقتل أسر بأكملها، وتستهدف مواقع توزيع المساعدات الإنسانية وتجمعات المواطنين في انتظار شاحنات المساعدات، وعند نقاط توزيعها، وتواصل إصدار أوامر إخلاء متكررة، وتستخدم التجويع كسلاح، وتمنع دخول الغذاء والدواء والوقود، وتهاجم المستشفيات والنقاط الطبية وفرق الدفاع المدني.

وقد صعدت قوات الاحتلال من عمليات الاستهداف المباشر والقتل الجماعي للمدنيين في منازلهم أو مراكز الإيواء، ففي تاريخ 6 يونيو 2025، تعرض منزل المصور الصحافي عبد الرحيم خضر، إلى قصف مباشر أدى إلى استشهاد 38 شخص داخل منزله معظمهم من الأطفال والنساء، وقتلت بتاريخ 18 يونيو 2025، عائلة إيناس فرحات بأكملها، حيث فقدت أطفالها السبعة دفعة واحدة في قصف على حي الزيتون، واستهدفت بتاريخ 20 يونيو 2025، نقطة لشحن الهواتف الخلوية، في شارع اللبابيدي في مدينة غزة، ما تسبب في استشهاد 7 مواطنين، وارتكبت عشرات المجازر الأخرى في مختلف أماكن القطاع.

وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية، فقد ارتفعت حصيلة الضحايا منذ أكتوبر 2023، إلى (55,706) شهيداً، و(130,101) مصاباً، ومنذ 18 مارس 2025، بعدما استأنفت إسرائيل هجماتها، (5,401) شهيداً، و(18,060) مصاباً، وبلغ عدد شهداء منتظري المساعدات الإنسانية منذ 27/5/2025، وحتى الآن (300) شهيداً، و(2649) مصاباً.

وفي ظل استمرار هذه المجازر، انقطعت كل خدمات الاتصالات والإنترنت الثابتة في قطاع غزة بعد استهداف الخط الرئيسي المغذي لمدينة غزة والشمال ففي 10 حزيران/ يونيو وتفاقمت عزلة القطاع عن العالم الخارجي، ما ساهم في تغييب متعمد للحقيقة وتصاعد حالة التعتيم الإعلامي. يذكر أن الاتصالات عادت في منطقة غزة والشمال بعد خمسة أيام ومن ثم عادت في مناطق وسط وجنوب قطاع غزة، ومن ثم قطعت مرة أخرى ولازالت مقطوعة حتى 18/6/2025.

وتزامن قطع الإنترنت مع العدوان الذي قامت به إسرائيل على إيران، حيث انصرفت أنظار العالم في 13 حزيران/ يونيو الجاري، حول هذا الصراع العسكري، بينما استغلت سلطات الاحتلال هذا الانشغال لتكثيف عدوانها على قطاع غزة وزيادة وتيرة المجازر بحق المدنيين لا سيما تلك التي تستهدفهم خلال محاولتهم الوصول إلى المساعدات الإنسانية، في ظل أزمة إنسانية غير مسبوقة وإبادة جماعية ممنهجة ترتكب بحقهم.

لقد تصاعدت الهجمات الحربية الإسرائيلية خلال الأسبوع الماضي تجاه السكان المدنيين في قطاع غزة، حيث وصل مستشفيات القطاع خلال سبعة أيام (671) شهيداً، و(3157) مصاباً، بمعدل 100 شهيد يومياً تقريباً، من مجموعهم (55) شهيداً، و(497) مصاباً، من منتظري المساعدات الإنسانية بالقرب من نقاط توزيعها، وفقاً للآلية الإسرائيلية الأمريكية.

فيما صعدت قوات الاحتلال من حصارها المشدد على قطاع غزة، وواصلت منع دخول المساعدات الإنسانية والوقود، والأدوية والمستلزمات الطبية والوفود الطبية إلى قطاع غزة، ما فاقم من معاناة المرضى والجرحى، ولا يزال أكثر من 10,000 مريض، بما في ذلك أكثر من 4,000 طفل، بحاجة ماسة إلى الإجلاء الطبي.[1] ويشهد النظام الصحي خاصة في المناطق التي تتعرض لنزوح متكرر في الآونة الأخيرة، انهياراً شبه كامل، وتتعرض المنظومة الصحية لضغوط هائلة بسبب سقوط أعداد كبيرة من القتلى والجرحى لا سيما بالقرب من مواقع توزيع المساعدات، وجراء نفاد المستلزمات الطبية والوقود. أنذرت وزارة الصحة الفلسطينية بتاريخ 18 يونيو2025، بتوقف خدماتها خلال الثلاث أيام القادمة إذا لم يسمح للمؤسسات الدولية للوصول إلى مخزونها التي تزود به المستشفيات.

وفاقم منع إدخال الوقود على الحالة الإنسانية المنهارة أصلاً في غزة، وتسبب في توقف خدمات أغلب المستشفيات والبلديات، ومرافق لا غنى عنها وحياة السكان، كآبار المياه وخدمات الصرف الصحي، وجمع النفايات، ما ينذر بتفاقم الكارثة الصحية وانتشار الأمراض والأوبئة، لا سيما مع تكدس الناس في مخيمات النزوح ذات الكثافة السكانية العالية، وظهور الحشرات والقوارض بين الخيام ومساكن المواطنين. وفي هذا السياق حذرت بلديات محافظة وسط قطاع غزة، وبلدية غزة، عن تقليص الخدمات الأساسية بشكل كامل خاصة توقف تشغيل آبار المياه ومضخات الصرف الصحي وعمليات جمع وترحيل النفايات. في حين تواصل قوات الاحتلال استهداف فرق الإسعاف والدفاع المدني، حيث ارتفع عدد شهداء الدفاع المدني إلى 119 شهيد حتى تاريخ 18 يونيو 2025 بعد استشهاد سائق الإطفاء شفيق اسليم برصاص الاحتلال في شمال قطاع غزة.

وتصعد قوات الاحتلال من استخدام التجويع كسلاح، من خلال استمرار الحصار، ومنع دخول المساعدات الإنسانية، وفرض آلية إسرائيلية عسكرية عمقت من أزمة التجويع، وأصبحت عبارة عن مصائد للمجوعين، توقع فيهم القتلى والإصابات، وتدفع باتجاه إشاعة الفوضى، ونهب المساعدات والسطو عليها، حتى أصبح الحصول على الغذاء أمراً مرادفاً للموت، وتسبب ذلك كله في ظهور أعراض سوء التغذية على المواطنين بشكل كبير وخاصة الأطفال، وزاد من أعداد الوفيات، حيث أعلنت وزارة الصحة أن عدد الأطفال الذين توفوا بسبب سوء التغذية بلغ 60 طفلاً. فولكر تورك، المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، "الفلسطينيين يواجهون خيارين قاسيين: الموت جوعاً أو المخاطرة بالقتل أثناء محاولتهم الحصول على القليل من الطعام المتاح من خلال آلية المساعدة الإنسانية ذات الطابع العسكري الإسرائيلية.[2] يواصل هذا النظام المُهين إجبار آلاف الجياع والمحتاجين للمساعدة على السير عشرات الكيلومترات، مُستثنيًا الفئات الأشد ضعفًا ومن يعيشون في مناطق بعيدة، ويجب أن يكون إيصال المساعدات وتوزيعها بأمان وعلى نطاق واسع.[3]

أفاد الدكتور أحمد الفرا، مدير مبنى التحرير للأطفال والولادة في مجمع ناصر الطبي" خلال 48 ساعة فقط من اليوم 18 يونيو 2025، تفصلنا كارثة إنسانية حقيقية، فقد نبدأ بفقدان مئات أرواح الأطفال الخدج والرضع في حضانات مستشفى ناصر الطبي بسبب انقطاع الحليب المخصص لهم، حيث إن الحليب غير متوفر لا في المستشفيات ولا في الأسواق، ولا عند المؤسسات الدولية، فهؤلاء الأطفال لا يملكون وقتاً ولا يملكون صوتاً"

فيما أصدرت قوات الاحتلال مجموعة من الإخلاءات الجديدة خلال الأسبوع الماضي، شملت مناطق محافظة شمال غزة، وغزة، وخان يونس، ودفعت الناس للتكدس في مساحات جغرافية ضيقة، تنعدم فيها أدنى مقومات الحياة، في ظل نقص الغذاء والمياه، وانتشار الأوبئة والأمراض، ومع تكرار صدور أوامر إخلاء جديدة، يخسر المواطنون أراضي قاموا بزراعتها في ظل الحصار، لبيع منتوجاتها الزراعية في الأسواق المحلية، إلا أن أوامر الإخلاء المتكررة تخرب محاصيلهم وتعمق الجوع، وتقضي على أي فرصة للنجاة.

وفي نفس الوقت الذي تمنع فيه إسرائيل دخول المساعدات الإنسانية، وتفشي المجاعة داخل القطاع، تتبع سياسية ممنهجة لاستهداف الصيادين على الشاطئ، وتدمير البنية التحتية للصيادين، من خلال استهداف قواربهم ومعداتهم، وتمنعهم من النزول إلى الشاطئ لصيد الأسماك في ظل انعدام الخضار واللحوم، وكان آخرها استهداف مجموعة من الصيادين بتاريخ 16 حزيران 2025، على شاطئ مدينة غزة، ما أدى إلى استشهاد صياد وإصابة آخر بجروح خطيرة، في حين فقدت آثار الثالث.

هذا ويبدأ اليوم السبت الموافق 21 يونيو 2025، انعقاد امتحانات الثانوية العامة في فلسطين، حيث أعلنت وزارة التربية والتعليم العالي عن موعد امتحانات الثانوية العامة بمشاركة أكثر من 50،000 طالب داخل الوطن، وقرابة 2،000 طالب خارج الوطن، يستثنى من ذلك طلبة غزة الموجودين داخل قطاع غزة للعام الثاني على التوالي من مواليد 2006 و2007، بسبب الأوضاع الأمنية والظروف المعيشية السيئة التي فرضتها قوات الاحتلال، ويتسبب ذلك في ضياع عاميين دراسيين على الطلبة، وحرمانهم من الالتحاق بالمرحلة الجامعية.

مركز الميزان لحقوق الإنسان إذ يستنكر تصعيد قوات الاحتلال لحرب الإبادة على قطاع غزة، من خلال تصاعد عمليات القتل الجماعي، واستهداف منازل المدنيين ومراكز الإيواء، واستخدام التجويع كسلاح، وتدمير البنية التحتية الصحية والخدمية، وقطع الإنترنت، وسط كارثة إنسانية شاملة تزداد تفاقماً يوماً بعد يوم أمام أعين العالم، فإنه يحذر من استغلال قوات الاحتلال الإسرائيلي التصعيد الإقليمي، كغطاء للتعتيم على جرائمها المتواصلة في قطاع غزة، في ظل انشغال أنظار العالم بهذا الصراع، وتنفيذ الإبادة في غزة بعيداً عن الرقابة والمساءلة الدولية.

وبناءً عليه، يطالب المركز المجتمع الدولي، لا سيما الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقيات جنيف، بتحمل مسؤولياتها القانونية والتدخل الفوري لوقف جريمة الإبادة الجماعية المستمرة، وإنهاء الحصار الإسرائيلي، ومنعها من استخدام سياسة العقاب الجماعي والتجويع والتعطيش كسلاح، وإلزامها للامتثال لقرارات محكمة العدل الدولية التي فرضت تدابير مؤقتة لمنع ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، والعمل على تمكين الجهات المختصة من تقديم خدماتها المنقذة للحياة، لا سيما وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، والعمل على حفظ أرواح المدنيين في قطاع غزة من خلال رفع الحصار وضمان استمرار تدفق المساعدات الإنسانية، وتفعيل آليات المساءلة والمحاسبة، لضمان عدم إفلات المجرمين من العقاب.