بيانات صحفية

في اليوم العالمي للسرطان، مركز الميزان يستنكر إحراق قوات الاحتلال مستشفى الصداقة التركي الفلسطيني المخصص لمرضى السرطان

يطالب المجتمع الدولي بالتدخل لضمان نهاية العدوان وسرعة تأهيل المنظومة الصحية والخدمات الأساسية

    شارك :

4 فبراير 2025

يصادف 4 شباط/فبراير اليوم العالمي للسرطان، الذي تحرص فيه المجتمعات على تقييم واقع ومستوى الخدمات المقدمة لمرضى السرطان، ومن أجل البحث في تطوير المعدات والأجهزة والتدخلات الطبية؛ للتصدي ومكافحة المرض والتخفيف من آثاره. وتحلّ هذه المناسبة في وقت تواصل فيه قوات الاحتلال الإسرائيلي جرائمها ضد السكان المدنيين في قطاع غزة للعام الثاني على التوالي، بحيث تعمدت تدمير أسباب الحياة والمرافق التي لا غنى عنها لحياة السكان، وخاصة الخدمات والمرافق الصحية، والطواقم الطبية والمستشفيات والمراكز التخصصية التي تقدم الرعاية للمرضى.

لقد شكلت المنظومة الصحية في قطاع غزة هدفاً للهجمات الحربية الإسرائيلية على مدار ال15 شهراً الماضية، ما تسبب في انهيار الخدمات الطبية المقدمة خاصة لمرضى السرطان، وواجه المرضى ولا يزالون ظروفاً قاسية نتيجة إجبارهم على إخلاء مساكنهم والنزوح إلى مناطق لا يتوفر فيها الحد الأدنى من المقومات الأساسية، وترافق ذلك مع تدهور في مكونات البيئة وارتفاع معدلات التلوث وانتشار الأوبئة، ونقص المياه الصالحة للاستخدام ومياه الشرب، وتضاعفت معاناتهم نتيجة النقص في المواد الغذائية والأطعمة الغنية بالبروتينات واعتماد المرضى على المعلبات التي تحتوى على مواد حافظة تضر بصحة هؤلاء المرضى الذين مناعتهم ضعيفة، وفي نفس الوقت، منعوا من السفر لتلقي العلاج في الخارج.

وفي سياق تعمدها الإجهاز على ما تبقى من المنظومة الصحية المخصصة لمرضى السرطان، دمرت قوات الاحتلال قبل انسحابها بساعات، أقسام ومحتويات مستشفى الصداقة التركي الفلسطيني المخصص لمرضى السرطان. وتشير التحقيقات الأولية التي أجراها المركز، إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلي وفي سياق الهجوم البري واسع النطاق على قطاع غزة، استهدفت مستشفى الصداقة التركي الفلسطيني المكون من عدة طبقات والذي يقع جنوب مدينة غزة، عند محور" نتنساريم" حيث قصفت الطابق الثالث من المبنى بتاريخ 30 أكتوبر وأُخرج عن الخدمة بتاريخ 1 نوفمبر 2023م، ولم تتمكن حينها الجهات المختصة من نقل المعدات والأجهزة الطبية، ثم تقدمت الدبابات والجرافات وتمركزت في محيطه، وشرعت في تدمير البوابات الرئيسية، وتجريف السور الخارجي ووضعت السواتر الرملية في محيطه، وأتخذته مقراً لقواتها ونقطة مراقبة للسيطرة على المنطقة. وواصلت قوات الاحتلال سيطرتها على المستشفى حتى انتهاء الأسبوع الأول من دخول وقف إطلاق النار، وقبل انسحابها بشكل كامل بتاريخ 26/1/2025م، أضرم جنود الاحتلال النار في محتويات وأقسام المستشفى، وتسبب الحريق في تدمير بعض الأجهزة والأدوية والمستلزمات الطبية، والأسرة، وأجهزة الحواسيب، والأدوات الإدارية.

ووفقاً للزيارة الميدانية التي أجراها باحثو مركز الميزان لحقوق الإنسان إلى مقر المستشفى صرح باسم أبو جريّ، من وحدة الأبحاث والمساعدة الفنية بما يأتي:" شاهدت الدخان لم يزل يتصاعد من بعض الأقسام، ورائحة الحريق تملأ بعض أقسام المبنى التي لم نتمكن من الدخول إليها، وقد تحول لون الجدران والأسقف إلى اللون الأسود نتيجة الحريق، وبعض الأجهزة الطبية التخصصية، والأسرّة مدمرة، خاصة الصيدلية التي أتى الحريق على محتوياتها، وشاهدت شعارات وكلمات ورموز خطها الجنود باللغة العبرية على جدران الأقسام وغرف المرضى وعلى الأجهزة الطبية، وجزء من المبنى تتواجد فيه أكوام من القمامة ..." يذكر أن مستشفى الصداقة التركي الفلسطيني كان يقدم الرعاية الصحية لمرضى السرطان منذ عام 2020، وإخراج هذا المستشفى عن الخدمة يضاعف من معاناة المرضى ويهدد حياتهم.

ويؤكد القائم بأعمال إدارة المستشفى الدكتور محمد أبو ندى، أنه خلال حرب الإبادة الجماعية واجه المرضى البالغ عددهم (13,000) مريضاً، ظروفاً بالغة الصعوبة بسبب عدم توفر أجهزة التشخيص والتتبع لحالة المريض حيث يكاد تشخيص المرض يصل إلى  صفر في قطاع غزة، جراء عدم توفر المعدات والأجهزة التي لم تتمكن الطواقم الطبية من إخلاءها من مستشفى الصداقة التركي الفلسطيني، وتضاعفت معاناة المرضى بعد أن فقدوا هذا المكان الذي كان يؤويهم ومخصص ومهيأ لخدمتهم، حيث انتقلت الخدمة في عدة مستشفيات جنوب قطاع غزة، وبات من الصعب على المرضى التواصل ومعرفة مكان تقديم الخدمة في ظل صعوبة الاتصال وارتفاع قيمة المواصلات، بالإضافة إلى شح ونقص الأدوية الكيماوية والمسكنات، وتفاقمت معاناة المرضى نتيجة حرمانهم من السفر لتلقي العلاج في الخارج بعد سيطرة قوات الاحتلال على معبر رفح البري، حيث كان ينتظر حوالي (6000) مريض السفر ولديهم تحويلات الطبية.

وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية فإن الإصابة بمرض السرطان ارتفع خلال السنوات الماضية في قطاع غزة بشكل ملحوظ، إذ سجل في عام 2018 (90 إصابة لكل 100,000)، ليرتفع في عام 2022 إلى (93.1 لكل 100,000).  ويُعد السبب الثاني للوفيات بين الذكور والإناث بنسبة (14.8%) و(15.4%)، ويعتبر من أهم المشاكل الصحية لارتفاع نسبة حدوثه، ويشكل سرطان الثدي النوع الأكثر شيوعاً بين الإناث ويحتل المرتبة الأولى بين سرطانات الإناث ويمثل ما نسبته (34.6%) من أنواع السرطانات التي تصيب الإناث، ويعد سرطان القولون النوع الأكثر شيوعاً بين الذكور ويمثل (14.1%) من بين سرطانات الذكور.

مركز الميزان لحقوق الإنسان يؤكد أن حرب الإبادة الجماعية واستمرار جرائم الاحتلال تحبط الجهود المبذولة للتصدي لمرض السرطان ومكافحته، خاصة بعد تدمير المنظومة الصحية في قطاع غزة، وإخراج مستشفى الصداقة التركي الفلسطيني عن الخدمة، وتدمير المرافق والأجهزة والأدوية المخصصة لعلاج مرضى السرطان، وتقييد حرية المرضى في الوصول للمرافق الطبية التخصصية لا سيما خارج قطاع غزة، الأمر الذي يتهدد حياة المرضى.

وعليه، يطالب المركز المجتمع الدولي بالتحرك والتدخل الفاعل لإجبار قوات الاحتلال على وقف جريمة الإبادة الجماعية بكل أشكالها بشكل دائم، ورفع الحصار، وإنهاء كافة القيود والمعوقات الإسرائيلية أمام حصول المرضى على خدمات الرعاية الصحية، والسماح بسفر المرضى إلى الخارج لتلقي العلاج، وتسهيل مرور إرساليات الأدوية والمتسهلكات والمستلزمات الطبية كافة، والسماح للطواقم الطبية والوفود بالدخول إلى قطاع غزة، وإعادة تأهيل المستشفيات ومراكز الخدمات الصحية والخدمات الأساسية كالمياه والصرف الصحي والكهرباء وغيرها من الخدمات التي لا غنى عنها لحياة السكان. كما يطالب المجتمع الدولي بالشروع في اتخاذ التدابير الكفيلة بإنهاء الاحتلال غير الشرعي للأرض الفلسطينية المحتلة عملاً برأي محكمة العدل الدولية.

ويشدد المركز على أن الحصانة والإفلات من العقاب شكلا عاملاً جوهرياً في ارتكاب الإبادة الجماعية، وأن عدم محاسبة من اقترفوا جريمة الإبادة الجماعية ومن أمروا بارتكابها، يبقي لباب مشرعاً أمام استمرار قوات الاحتلال في ارتكاب شتى أنواع الجرائم.

انتهى