بيانات صحفية

الميزان يستنكر بشدة استمرار وفاة معتقلين فلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية ويُحمل دولة الاحتلال المسؤولية ويطالب بالإسراع في محاسبة مقترفي جريمة الإبادة الجماعية

    شارك :

31 ديسمبر 2024

واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي أفعالها الوحشية بحق الأشخاص المحميين بموجب القانون الدولي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبخاصة في قطاع غزة، بعد أن نزعت عنهم الحصانة والحماية قسراً في تحدٍ مستمر لأحكام القانون الدولي وهيئاته القضائية والمتخصصة، لا سيما ما صدر عن أعلى هيئة قضائية في العالم -محكمة العدل الدولية-، لإيقاف حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها بحق الفلسطينيين منذ (15) شهراً، والتي طالت المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وحصدت أرواح العشرات من معتقلي سكان قطاع غزة. 

ووفقاً للزيارات وأعمال التمثيل القانوني التي يواصلها مركز الميزان للمعتقلين في السجون الإسرائيلية، فقد أصيب المعتقل محمد رشيد سعيد العكة (44 عاماً) من سكان حي الزيتون شرقي غزة، بتاريخ 29/12/2024م في سجن النقب بالإغماء، وجرى نقله إلى العيادة الطبية، وهناك أعلن عن وفاته. تجدر الإشارة إلى أنه كان قد اعتقل بتاريخ 16/11/2023، من قطاع غزة، وتمكن محامي المركز من زيارته بتاريخ 6/11/2024، وأفاد حينها بأن العكة يعاني من أمراض جلدية، ولا توجد لديه ملابس تناسب فصل الشتاء، ولا يحصل على طعام كافي، وأنه تعرض للضرب المبرح، وفقد أكثر من 30 كيلو جرام من وزنه.

في حين أعلنت هيئة شؤون الأسرى والمحررين بتاريخ 30/12/2024، وبعد يوم واحد من وفاة المعتقل أشرف محمد أبو وردة (51 عاماً)؛ عن وفاة (3) معتقلين آخرين هم: سمير محمود الكحلوت (52 عاماً)، وزهير عمر الشريف (58 عاماً)، ومحمد أنور لبد (57 عاماً)، داخل السجون الإسرائيلية، وبذلك يرتفع عدد المعتقلين الفلسطينيين الذين توفوا داخل السجون الإسرائيلية إلى (54) معتقلاً منذ أكتوبر 2023، بحسب الهيئة.

هذا ويتعرض المعتقلون الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية إلى أوسع حملة من الانتهاكات الجسيمة، التي تمتد عبر عدة مراحل، وتتمثل في القبض، ويتخللها إجبار المعتقلين على خلع ملابسهم بالكامل والاعتداء عليهم بالضرب، وأحياناً يستخدمون كدروع بشرية، وتقيد أيديهم وتعصب أعينهم، ويجبرون على الجلوس تحت أشعة الشمس الحارقة وفوق حصى مدببة، ثم  مرحلة التحقيق التي يتم خلالها الاستخدام المميت للتعذيب الجسدي والنفسي، كالضرب بالمطرقة، والشبح وخلع الظافر، وإطلاق الكلاب عليهم، والشبح لمدة ساعات طويلة، والضرب بالأيدي والأرجل، ويدخلون في غرف موسيقى صاخبة، وأحياناً يتعرض بعضهم للاغتصاب مثلما حصل في معسكر سديه تيمان.

أما المرحلة الثالثة (الظروف المعيشية)، فيتخللها الحرمان من النوم الكافي والفراش والغطاء الكافيين، ومنع الاستحمام المنتظم، وعدم تقديم الطعام والشراب الكافي والمناسب، والتكدس داخل السجن، والحرمان من تلقي الزيارات سواء من الأهل أو المحامي. وشكلت التعديلات التشريعية التي انطلقت بعد أيام من السابع من أكتوبر، غطاءً قانونياً لكل ما سبق وأكثر من الانتهاكات التي تُرتكب بحق المعتقلين، وأطلقت يد جهاز الأمن ليُمارس ما يشاء من أفعال بعيداً عن رقابة القضاء، وبخاصة التعديلات التي طالت قانون الاعتقال ومددت المنع من تلقي زيارة المحامي لمدة وصلت إلى 180 يوماً، وقانون المقاتل غير الشرعي الذي وسعت تعديلاته من قدرة الضباط على إصدار أوامر القبض، وكذلك التعديلات التي استهدفت إطالة أمد التوقيف.

كما تشهد السجون الإسرائيلية المكتظة بالمعتقلين الفلسطينيين في الوقت الراهن، انتشاراً واسعاً للأمراض الجلدية، بسبب قلة مواد النظافة وعدم مكافحة الأوبئة، ويُفيد محامي المركز أن سجن النقب لا يُقدم فيه أي نوع من العلاج للمعتقلين الفلسطينيين، الأمر حذر منه مركز الميزان مراراً في بيانات سابقة، حول خطورة الأوضاع الصحية الكارثية وانتشار الأوبئة والأمراض داخل السجون.

مركز الميزان لحقوق الإنسان يؤكد على أن الانتهاكات الإسرائيلية يحق المعتقلين الفلسطينيين ترقى لاعتبارها جريمة حرب بموجب ميثاق روما المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية، باعتبار الانتهاكات الجسيمة الواردة في المادة (147) من اتفاقية جنيف الرابعة هي إحدى صور تلك الجريمة، ولا سيما القتل العمد والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية وتعمد إحداث آلام شديدة أو الإضرار الخطير بالسلامة البدنية أو بالصحة. كما أنها تُشكل مخالفة للمعايير القانونية الدولية الخاصة بحماية الأشخاص المحرومين من حريتهم ولا سيما قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، وغيرها من الإعلانات والمواثيق والاتفاقات الدولية.

وإذ يحمل المركز دولة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن وفاة المعتقلين ال (5)، فإنه يدعو إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية للوقوف على ملابسات حوادث الوفاة، ويُعرب عن خشيته على حياة باقي المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وأولئك الذين يجري اعتقالهم بشكل شبه يومي من قطاع غزة والضفة الغربية.

ويطالب المركز المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته الأخلاقية والقانونية تجاه ما يجري في قطاع غزة من حرب إبادة جماعية، ويُشدد على وجوب الإسراع في اتخاذ إجراءات فاعلة من شأنها أن توقف الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأشخاص المحميين بموجب اتفاقية جنيف الرابعة لا سيما المعتقلين الفلسطينيين، ويدعو الجمعية العامة ومجلس الأمن الدولي إلى تبني تدابير جديدة لإعمال قرار محكمة العدل الدولية بشأن وقف جريمة الإبادة الجماعية، وإلزام دولة الاحتلال على احترام أحكام القانون الدولي.