بيانات صحفية

في اليوم العالمي لمناهضة التعذيب، مركز الميزان يدعو إلى توفير الحماية لضحايا التعذيب وسوء المعاملة في الأراضي الفلسطينية

    شارك :

26 يونيو 2023 |المرجع 44/2023

يأتي اليوم العالمي لمناهضة التعذيب 26 حزيران/ يونيو الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة، باعتباره اليوم الذي بدأ فيه نفاذ اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة، أو العقوبة القاسية، أو اللاإنسانية، أو المهينة لعام 1987م؛ في ضوء استمرار وقوع جريمة التعذيب وإساءة المعاملة، وإفلات مرتكبيها من المسائلة والمحاسبة، بالنظر إلى غياب التدابير التشريعية والقضائية المناسبة التي تؤمن حماية الضحايا، وتضمن الحق في الانتصاف وجبر الضرر.

ووفقاً لرصد وتوثيق مركز الميزان؛ واصلت دولة الاحتلال ممارستها لجريمة التعذيب في الأراضي الفلسطينية المحتلة، الأمر الذي يظهر في عدة نواحي، فمن الناحية التشريعية، تُجيز تشريعاتها ارتكاب هذه الجريمة في أحوال معينة، حيث تسمح المادة (34) من قانون العقوبات الإسرائيلي لعام 1977م وتعديلاته، للمحققين الإسرائيليين بالدفع بحالة الضرورة، فيما لو قُدمت لائحة اتهام ضدهم أمام القضاء بارتكاب التعذيب أو سوء المعاملة، وهو ما يمنح الحصانة للمحققين في مواجهة المحكمة بشأن فعل محظور.

 وسار قضاء دولة الاحتلال على خطى التشريعات الإسرائيلية، حيث أيدت المحكمة العليا الإسرائيلية بموجب قرارها رقم (5100/94) الصادر بتاريخ 6/9/1999م، التعذيب عندما حظرته كأصل عام، وأجازته في حال الخطر الداهم، أو حالة الضرورة المذكورة بموجب المادة (34) سالفة البيان. كما يظهر تأييدها بموجب العديد من الأحكام القضائية التي تم تأسيسها على أدلة غير مشروعة كالاعتراف تحت الإكراه، وهو ما يُخالف الركن الأساس في ضمانات المحاكمة العادلة المكفولة في المادة (14) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وينتهك المادة (2) من اتفاقية مناهضة التعذيب التي أوجبت على كل دولة طرف أن تتخذ التدابير التشريعية والإدارية والقضائية لضمان حظر التعذيب دون استثناء.

ومن الناحية الواقعية تفاقمت معاناة المرضى الفلسطينيين في قطاع غزة جراء المعاملة القاسية واللاإنسانية التي يتعرضون لها في معرض محاولتهم الوصول إلى المستشفيات، واستمرَّ حرمان المزارعين والصيادين من الوصول لأراضيهم وأماكن كسب رزقهم في عرض البحر، بسبب تجريف الأراضي والاستيلاء على مراكب الصيد، وضخ المياه العادمة على الصيادين، وتوجيه الشتائم والألفاظ النابية الحاطة بالكرامة الإنسانية وإطلاق النار صوب الصيادين الفلسطينيين، وهو ما يُخالف المادة (16) من اتفاقية مناهضة التعذيب التي حظرت إساءة المعاملة.

وعلى المستوى المحلي، ما تزال دولة فلسطين غير قادرة على بسط سيادتها على أراضيها، بالنظر إلى الإجراءات التعسفية لدولة الاحتلال، وتقطيعها لأوصال محافظات الضفة الغربية وفصلها عن قطاع غزة، ومنعها من الولاية على القدس، إضافة إلى الانقسام الفلسطيني الحاصل الذي أهدر غايات القانون الأساسي الفلسطيني وبدد حلم الفلسطينيين في إقامة نظام سياسي وقانوني وقضائي موحد. وعلاوةً على ذلك لم تفِ دولة فلسطين بالتزاماتها الناشئة عن انضمامها بتاريخ 2 نيسان/ أبريل 2014م لاتفاقية مناهضة التعذيب بدون تحفظات، حيث لم توائم تشريعاتها سواء في الضفة الغربية أو في قطاع غزة مع أغراض تطبيق الاتفاقية، كما لم تتشكل الآلية الوطنية الوقائية لمنع التعذيب، كالتزام نشأ على دولة فلسطين منذ انضمامها للبروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب بتاريخ 28/12/2017م، حيث يستوجب البروتوكول إنشائها خلال عام واحد من الانضمام، كما أن قرار بقانون رقم (25) لسنة 2022م بشأن الهيئة الوطنية لمناهضة التعذيب، الذي صدر بتاريخ 21/5/2022م؛ إضافة إلى أنه جاء متأخراً، فإنه كذلك لم يأخذ بملاحظات مؤسسات المجتمع المدني، ولا ينسجم مع معايير البروتوكول بشكل كلي.

مركز الميزان إذ يُعرب عن تضامنه الكامل مع ضحايا التعذيب أينما كانوا حول العالم، فإنه يستنكر بشدة استمرار ممارسة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة، أو العقوبة القاسية، أو اللاإنسانية، أو المهينة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو ما يشكل انتهاكات بالغة الخطورة لأحكام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

كما يطالب المركز دولة فلسطين بالإسراع إلى إنهاء الانقسام الفلسطيني، وموائمة تشريعاتها الوطنية مع التزاماتها الناشئة عن الانضمام إلى المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان، خاصة اتفاقية مناهضة التعذيب وبروتوكولها الملحق، وتشكيل الآلية الوطنية الوقائية، وضمان وقف ممارسة التعذيب وسوء المعاملة، وتجريمها تشريعاً بشكل كافِ، وعقاب مرتكبيها، ويدعوها إلى اتخاذ التدابير كافة التي من شأنها الوفاء بالتزاماتها على أكمل وجه.

مركز الميزان يدعو المجتمع الدولي والأجسام الدولية المتخصصة، لتحمل مسؤولياتها القانونية، من أجل الضغط على دولة الاحتلال لتعديل تشريعاتها وتجريم التعذيب وسوء المعاملة في جميع الأحوال، وضمان العدالة لضحايا التعذيب بمسائلة ومحاسبة مرتكبي الجريمة، وإنصاف الضحايا وجبر أضرارهم.

انتهى