تقارير و دراسات

تقرير توثيقي لن تقتلوا الحقيقة

قوات الاحتلال الإسرائيلي تستهدف الصحفيين الفلسطينيين خلال تظاهرات العودة السلمية (التقرير يغطي الفترة من 30 مارس حتى 10 يونيو/ 2018م)

    شارك :

11 يونيو 2018

شكلت مسيرات العودة محل اهتمام الصحافة والرأي العام حول العالم، وهي مسيرات أعاد من خلالها الفلسطينيون من سكان قطاع غزة- الذين تبلغ نسبة اللاجئين بينهم حوالي ٧٠٪- تظهير قضية حقّهم في العودة وفقاً لقرار الأمم المتحدة 194. كما أثارت قضية استمرار الحصار المفروض على القطاع، وتدهور الأوضاع الإنسانية غير المسبوق فيه.

 

وتشكل كثافة المشاركة الشعبية التي لم تقتصر على جيل أو جنس مصدراً لمزيد من الاهتمام العالمي، فيما أربك هذا الفعل سلطات الاحتلال، التي حاولت أن تحول دون بدء الفعاليات من خلال حملة ترهيب منظمة، تهدد باستخدام القوة، بل لم تتورع القيادات السياسية والعسكرية عن الحديث صراحة أمام وسائل الإعلام عن اعتزامها نشر قناصة على امتداد السياج الفاصل وإعطاء أوامر باستخدام القوة القاتلة. ومع ذلك استمرت الفعاليات وأخذت طابعاً احتفالياً إلى جانب كونها فعلاً احتجاجياً، وكأن الفلسطينيين في قطاع غزة اكتشفوا فجأة أن هناك مناطق مفتوحة هواؤها نقي، وخالية من الكتل الاسمنتية والازدحام البشري الذي يعانيه قطاع غزة.

 

ويعاني سكان قطاع غزة من تدهور خطير ومتسارع في الوضع الإنساني والاقتصادي والمعيشي، وانتشار البطالة على نحو غير مسبوق، لتطال أكثر من نصف السكان. كما توسعت ظاهرة الفقر وارتفعت أعداد الفقراء بعد أن انضم لصفوفهم نحو 45.000 أسرة من أسر موظفي السلطة الوطنية الفلسطينية التي حسمت نسب تتراوح بين 30 إلى 60٪ من رواتبهم قبل أن تتوقف السلطة عن دفعها نهائياً ما دفع إلى انهيار اقتصادي متسارع، وسط مخاطر توقف وكالة الغوث الدولية عن تقديم خدماتها أو تقليصها في ظل قرار الولايات المتحدة الأمريكية بتقليص مساهمتها في موازنة الوكالة إلى النصف.

 

كما جاءت المسيرات متزامنة مع ذكرى يوم الأرض وفي ظل قرار الولايات المتحدة الأمريكية الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، في مخالفة واضحة لقواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، التي تؤكد على أن الجزء الشرقي من المدينة هو أرض محتلة.

 

انطلقت مسيرات العودة في 30 من آذار/ مارس 2018 وشهدت مشاركة شعبية حاشدة، ورغم حفاظ المسيرات على طابعها السلمي، ولم يشكل المشاركين أي فعل قد ينطوي على تهديد حياة الجنود أو أمنهم وسلامتهم، ومع ذلك جوبهت المسيرات السلمية باستخدام واسع النطاق للقوة المفرطة والقوة المميتة باستخدام الرصاص الحي والمتفجر واستخدام قناصة ينتشرون على امتداد السياج خلف سواتر رملية أو في مواقع عسكرية محصنة. هذا بالإضافة لاستخدام الغاز المدمع وبعض أنواعه غير المعروفة كانت آثارها غريبة وتتسبب في ألم وأعراض تتجاوز أثر الغاز الذي يستخدم عادةً. كما أن الإمعان في استخدام القوة وتعمد الإيذاء لم يقف عند حدود القتل أو التسبب في إعاقات جراء نوع الرصاص المستخدم وانتقاء مكان الإصابة بعناية، بل وفي إطلاق قنابل الغاز مباشرة إلى أجساد المشاركين بما فيهم الصحفيين.

 

يرصد هذا التقرير الانتهاكات الجسيمة والمنظمة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق الصحفيين والعاملين في المجال الإعلامي، كونهم تعرضوا لاستهداف منظم في محاولة لترهيبهم وثنيهم عن الحضور إلى أماكن المسيرات وتغطية فعالياتها، وهذا أمر أصبح يتجاوز كونه تحليلاً في ظل اعتزام سلطات الاحتلال سن تشريع يجرم من يصور جنودها أثناء ممارسة نشاطهم في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

 

لقد تكبّد الصحفيون والعاملون في المجال الإعلامي معاناة كبيرة، وقدموا تضحيات عظيمة في سبيل القيام بواجبهم المهني في نقل حقيقة ما ترتكبه سلطات الاحتلال من أفعال ترقى لمستوى جرائم الحرب. ويحاول هذا التقرير أن يقدم معلومات إحصائية وافية عن أعداد الضحايا الذين سقطوا شهداء وجرحى ومصابين جراء استهدافهم من قبل قوات الاحتلال.

 

كما يتناول التقرير أبرز أشكال الانتهاكات مبرزاً نماذج عنها عبر إيراد تفاصيل لعينة من هذه الانتهاكات مدعمة بمقتطفات من إفادات مشفوعة بالقسم جمعها مركز الميزان من ضحايا وشهود عيان.

 

وينتهي التقرير بخلاصة ما تؤكده المعطيات والحقائق من ارتكاب قوات الاحتلال انتهاكات ترقى لمستوى جرائم الحرب، ومطالبة المجتمع الدولي بالتحرك وحث المؤسسات والاتحادات الصحفية حول العالم إلى مساندة زملائهم العاملين في الأراضي الفلسطينية المحتلة.