تقارير و دراسات

الشهيد الطفل محمد أيوب دليلاً على تعمد استهداف الأطفال الفلسطينيين

تقرير ميداني حول ظروف استشهاد الطفل محمد أيوب في مسيرات العودة بتاريخ 20/4/2018

    شارك :

25 أبريل 2018

تتواصل معاناة سكان قطاع غزة جراء الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع للعام الحادي عشر على التوالي، إلى جانب طيف واسع من الانتهاكات المتكررة. وتشتد معاناة الأطفال الفلسطينيين في قطاع غزة، كون الحصار وما أفرزه من مشكلات اجتماعية قوض فرصهم في الحصول على حياة طبيعية، وحرمهم من التمتع بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

 

فقد لعب الحصار دوراً جوهرياً في تقويض أسس الاقتصاد الفلسطيني في القطاع، وتسبب في توسع غير مسبوق لظاهرتي البطالة والفقر، بالإضافة إلى تدهور مستوى الخدمات الأساسية كتوصيل الكهرباء والمياه للمنازل، والتلوث البيئي الذي فاقمته مشكلة انقطاع التيار الكهربائي.

 

ويعاني أطفال قطاع غزة من نقص في الغذاء والدواء والملبس، ومن تدهور الرعاية الصحية، ومحرومون من تلقي تعليم مناسب، ومن التمتع في أوقات فراغهم، فلا أماكن مخصصة للعب، وحتى الساحات التي كانت متوفرة داخل المدارس نفسها تتقلص مساحاتها.

 

كما أن قدرتهم على التمتع بمشاهدة برامج الترفيه على أجهزة التلفزيون محدودة جداً، سواء لجهة انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة، وعودته أحياناً في ساعات متأخرة من الليل، أو استمرار تحليق طائرات المراقبة الإسرائيلية في أجواء قطاع غزة، ما يؤثر على البث التلفزيوني ويؤدي إلى تقطع الإرسال أو توقفه.

 

ولا تتوقف الانتهاكات الإسرائيلية التي تشكل مساساً بحقوق الأطفال على الانتهاكات غير المباشرة، بل يتواصل سقوط الأطفال شهداء وجرحى في الأراضي الفلسطينية المحتلة على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي، ويوماً بعد يوم تتكرس حقيقة تعمد قتل المدنيين والأطفال منهم على وجه الخصوص بإطلاق رصاص حي ومن قناصة بغرض القتل.

 

لقد حاولت سلطات الاحتلال في السابق تزوير الحقائق وتبرير قتلها للأطفال بالأخطاء أو الأضرار الهامشية، كما حدث مع أطفال عائلة بكر وشحيبر وأبو جامع وعشرات العائلات التي قضت بقصف إسرائيلي تحت ركام منازلها، فكانت الذريعة دائماً وقوع الأخطاء أو نقص المعلومات.

 

واليوم تبدو حقيقة أن القتل العمد هو سياسة منظمة تنتهجها سلطات الاحتلال في تعاملها مع المدنيين، ولاسيما الأطفال منهم، وأن المدنيين تحولوا إلى هدف مشروع. ومن السهل على المراقب أن يصل إلى هذه الحقيقة ليس فقط من خلال الوقائع الميدانية وأعداد الضحايا، بل ومن خلال التصريحات التي يطلقها كبار المسئولين في دولة الاحتلال، والإشادة الدائمة بأعمال القتل.

 

كما أن بعض الفيديوهات التي سربت توثق كيف يتعامل القناصة مع قتل الأطفال وكأنه لعبة يتراهنون فيها على اصطياد الأطفال.

ويُظهر سلوك قوات الاحتلال، خلال مسيرات العودة التي بدأت منذ تاريخ 30/3/2018، الذي يصادف ذكرى يوم الأرض في المناطق الشرقية لمحافظات قطاع غزة، تحللاً كاملاً من التزاماتها القانونية والأخلاقية بموجب المواثيق والمعاهدات الدولية، من حيث استخدامها للقوة المفرطة والمميتة في مواجهة مجموعات من الأطفال والنساء والشبان الذين تظاهروا بشكل سلمي للتعبير عن احتجاجهم على استمرار الحصار المفروض على قطاع غزة والحد من تدهور الأوضاع الإنسانية، وفي الوقت نفسه التذكير بحقهم في العودة إلى قراهم ومدنهم التي هجروا منها.

 

يحاول هذا التقرير أن يضع مجموعة من الحقائق حول الانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة والمنظمة التي ترتكب بحق الأطفال والمدنيين عموماً، حيث واجهتهم بالرصاص الحي، والرصاص  المعدني المغلف بالمطاط، وبالغاز المسيل للدموع، واستخدمت قنابل الغاز كسلاح كانت تطلقها تجاه المتظاهرين بشكل مباشر، واستهدفت الصحفيين والطواقم الطبية التي كانت تخلي الشهداء والجرحى، بالرغم من بروز ووضوح شاراتهم المميزة خلال قيامهم بعملهم في مسيرات العودة.

 

يركز التقرير على حالة قتل الطفل محمد أيوب، ولكنه يضعها في سياقها الموضوعي، كونها ليست حالة استثنائية، وإنما هي جريمة ارتكبت في سياق منظم من الانتهاكات الموجهة ضد الأطفال.