بيانات صحفية

في ضوء الأنباء حول مرسوم جديد للرئيس حول القضاء

مركز الميزان يدعو لاحترام أحكام القانون الأساسي الفلسطيني والتزامات فلسطين الدولية ويُطالب بإلغاء مرسوم تشكيل المجلس الأعلى للهيئات والجهات القضائية

    Share :

1 نوفمبر 2022 |Reference 63/2022

ينظر مركز الميزان لحقوق الإنسان بخطورة بالغة إلى استمرار السلطة التنفيذية في محاولاتها الرامية إلى الهيمنة على السلطة القضائية وتقويض استقلالها، خلافاً لإرادة السلطة التأسيسية التي وضعت القانون الأساسي الفلسطيني، وأنشأت السلطات الدستورية الثلاث ونظمت علاقاتها وحدود اختصاصاتها، وجعلتها متماثلة في المكانة القانونية، بحيث لا يجوز لأية سلطة السيطرة على الأخرى، الأمر الذي يُعد بمثابة تجسيد لعموم إرادة الفلسطينيين نحو بناء نظام دستوري ديمقراطي قائم على مبدأ الفصل بين السلطات، واستقلال السلطة القضائية، ويضمن الحقوق والحريات العامة، وهو ما عبرت عنه وثيقة إعلان الاستقلال لعام 1988م.

 

لقد فوجئ مركز الميزان بمضمون المرسوم الصادر عن الرئيس الفلسطيني بشأن تشكيل المجلس الأعلى للهيئات والجهات القضائية لسنة 2022م، الذي يضع بموجب المادة (1) منه السلطة القضائية بكافة تشكيلاتها تحت ولاية رئيس السلطة التنفيذية، الأمر الذي يعني إهداراً للمنظومة الدستورية برمتها، وانتهاكاً لمبدأ الفصل بين السلطات المكفول بموجب المادة (2) من القانون الأساسي، وإنشاءً ذاتياً من قبل الرئيس الفلسطيني لمهام جديدة تتجاوز ما هو مقرر لمركزه بموجب المادة (38) من القانون الأساسي والتي نصت على أن: "يُمارس رئيس السلطة الوطنية مهامه التنفيذية على الوجه المبين في هذا القانون"، وبمراجعة القانون الأساسي فإنه يخلو من مهام تشكيل هيئات أو مجالس تنطوي على إلحاق السلطة القضائية بالسلطة التنفيذية.

 

وبالرجوع إلى مضمون المرسوم الرئاسي المذكور، علاوةً على أنه ينتهك مبدأ الفصل بين السلطات، ويُقوض استقلال السلطة القضائية من خلال إلحاقها بالسلطة التنفيذية، فإن المادة (4/أ) منه التي منحت المجلس الأعلى للهيئات والجهات القضائية صلاحية مناقشة مشاريع القوانين الخاصة بالهيئات والجهات القضائية، دون مشاركة رئيس المحكمة الدستورية؛ تنتهك مبدأ الانفراد التشريعي، والذي يُعتبر اختصاصاً أصيلاً للسلطة التشريعية، حيث أن المادة (70) من القانون الأساسي تُوجب على مجلس الوزراء تقديم مشاريع القوانين للسلطة التشريعية، وليس للمجلس الأعلى للهيئات والجهات القضائية الذي لا يوجد له موضعاً في القانون الأساسي، إضافة إلى أن صلاحية السلطة القضائية في المشاركة التشريعية، تقتصر بموجب المادة (100) من القانون الأساسي على قيام السلطة التشريعية بأخذ رأي المجلس الأعلى للقضاء في مشروعات القوانين التي تنظم أي شأن من شؤون السلطة القضائية بما في ذلك النيابة العامة.

 

كما أن أغراض المرسوم التي تبينت بموجب المادة (4/ب، ج، د، ه) والتي أوكلت المجلس الأعلى للهيئات والجهات القضائية، صلاحية حل الإشكاليات التي قد تنشأ ما بين أي من الهيئات والجهات القضائية، وإعداد الاقتراحات والمذكرات المتعلقة بالهيئات والجهات القضائية الممثلة في المجلس، ومناقشة احتياجات الهيئات والجهات القضائية الممثلة في المجلس؛ عالجها النظام القانوني الفلسطيني بموجب التشريعات النافذة، الأمر الذي يعني إنكاراً لتلك التشريعات، وتبني معالجات جديدة خارج إطار القانون.

 

يأتي هذا المرسوم في ظل انضمام دولة فلسطين للعديد من الاتفاقيات الأساسية لحقوق الإنسان، والتي تتطلب منها اتخاذ التدابير التشريعية والإدارية كافة التي من شأنها إنفاذ مضامين تلك الاتفاقيات، الأمر الذي لن يتأتى من خلال إصدار قرارات بقوانين ومراسيم تُقوض من استقلال السلطة القضائية، وإنما عبر تعزيز وترسيخ استقلالها وتمكينها من القدرة على ممارسة وظائفها في حماية الحقوق والحريات العامة، وصيانة مبدأ سيادة القانون، واحترام المعايير الدولية لاستقلال القضاء.

 

مركز الميزان لحقوق الإنسان وفي ضوء المخالفات التي تمس أحكام القانون الأساسي الفلسطيني، ومبدأ الفصل بين السلطات ومقومات استقلال السلطة القضائية، إضافة إلى عرقلة التزامات فلسطين الدولية الناشئة عن انضمامها لاتفاقيات حقوق الإنسان، فإنه يدعو إلى الآتي:

  • إلغاء المرسوم الرئاسي بشأن الهيئات والجهات القضائية وكافة القرارات والمراسيم السابقة التي تمس باستقلال القضاء الفلسطيني.
  • الالتزام بأحكام القانون الأساسي الفلسطيني، ومبدأ استقلال السلطة القضائية.
  • التوقف عن محاولات الهيمنة على السلطة القضائية، واحترام مبدأ الفصل بين السلطات.

 

انتهى.