بيانات صحفية

بيان صحافي: في اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة

جائحة كورونا واستمرار الحصار الإسرائيلي ضاعفا من معدلات العنف ضد المرأة في قطاع غزة، مركز الميزان يطالب باتخاذ التدابير المناسبة ووضع آليات عاجلة لحماية المرأة وإنصافها

    شارك :

24 نوفمبر 2020 |المرجع 73/2020

يصادف الأربعاء الموافق 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2020م، اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، وبهذه المناسبة تطلق الأمم المتحدة منذ سنوات حملة (16) يوم لمناهضة العنف والتمييز ضد المرأة؛ وهي حملة لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي الذي ما يزال يشكّل احدى المشكلات المنتشرة في أنحاء العالم.

 

وتحل المناسبة هذا العام في ظل تطورات خطيرة لم تشهدها الأراضي الفلسطينية من قبل؛ جراء انتشار جائحة (كوفيد-19) وتصاعد أعداد الإصابات بالفايروس، الأمر الذي كانت له تبعات قاسية على المرأة، التي تعاني أصلاً جراء الحصار والانتهاكات الإسرائيلية المستمرة، ما ضاعف من نسب الفقر والفقر المدقع. وأسوة بشعوب الأرض فإن القيود المفروضة كتدابير للتصدي للجائحة، ولاسيما القيود المفروضة على حرية الحركة والتنقل وإغلاق المنشآت الصناعية والتجارية والسياحية وتراجع النشاط الاقتصادي وتوقف النساء العاملات عن العمل؛ أفقدهن مصادر دخلهنّ. كما تسببت فترات الإغلاق في معاناة كبيرة للنساء جميعهن، في ظل نقص الغذاء والدواء وانقطاع المياه والكهرباء. وأسهم اضطرار السكان بما فيهم النساء للمكوث في المنازل لفترات طويلة؛ في زيادة مستوى الخلافات الأسرية ووتيرة العنف الذي تتعرض له النساء. كما واجهت النساء اللواتي خضَعن للحجر الإلزامي في مراكز الحجر- في المرافق العامة والمدارس- ظروفاً قاسية، نتيجة ضعف مستوى الخدمات وغياب الخصوصية.

 

وانعكست الجائحة على مستويات العنف المبنى على النوع الاجتماعي، حيث أكدت نتائج استطلاع عينة من النساء الفلاحات (المزارعات والنساء الريفيات) في قطاع غزة -أجراها المركز في سياق اعداده لورقة حقائق[1]- ارتفاع نسبة المشكلات الأسرية خلال جائحة كورونا. وفي هذا السياق أكدت ما نسبته (62.5%) من العينة المستطلعة آرائهن بأنهن تعرضن للعنف الأسري الذي تنوع ما بين العنف الجسدي واللفظي، والإهمال والهجر، والتهديد، والحرمان من المصروف. وهذا ما أكدته أيضاً التقارير الصادرة عن المؤسسات المختصة التي أشارت إلى تزايد حالات العنف، وأن الجائحة شكّلت مصدراً كبيراً للخلافات والشجارات الأسرية، نجم عنها عنف متزايد وصل أحياناً إلى حد القتل، وأحياناً اضطرت بعض النساء للهرب من بيوتهنّ طلباً للحماية من الجهات المختصة.

 

الجدير بالذكر أنه ومنذ إعلان الرئيس الفلسطيني حالة الطوارئ في 5 مارس 2020م، وتجديده أكثر من مرة حتى تاريخه، قُتلت في قطاع غزة سيدتان، وأصيبت (16) أخريات؛ نتيجة مظاهر غياب سيادة القانون.

 

ولم يتوقف تدهور أوضاع النساء عند ذلك فحسب، بل ترتب على استمرار الانقسام الداخلي الفلسطيني معاناة مضاعفة لهنّ، كونه شكل عقبة حقيقية أمام الجهود المبذولة نحو درء أفعال العنف ضد المرأة، وتعزيز سلامتهنّ وإعادة تأهيلهنّ بدنياً ونفسياً. وأسهم تعطيل المجلس التشريعي في عدم القدرة على سن تشريعات توفر الحماية لهنّ. كما أن نقص الموارد المالية الكافية حدّ من القدرة على تمويل الأنشطة المتصلة بالقضاء على العنف ضد المرأة، ما تسبب في وفاة نساء أو تضررهنّ.

 

وتشير أعمال الرصد والتوثيق التي يواصلها مركز الميزان إلى أنه منذ أبريل 2014م -وهو العام الذي وقعت فيه دولة فلسطين على الاتفاقيات والمعاهدات والبرتوكولات المتعلقة بحقوق الإنسان، بما فيها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة - قُتلت (39) سيدة في قطاع غزة؛ نتيجة مظاهر غياب سيادة القانون من بينهم (8) قُتلن على خلفية الشرف، فيما أصيبت (121) سيدة.

 

وفي سياق منفصل تواصل العنف ضد النساء جراء استمرار انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي التي تتنافى مع قواعد القانون الدولي الإنساني، وألحقت الهجمات الجوية والبرية والبحرية واستخدام القوة المفرطة والمميتة خسائر بشرية ومادية بالسكان؛ تكبدت النساء جراءها المزيد من الألم والمعاناة الجسدية والنفسية نتيجة إصابتهن، أو فقدان أو إصابة أفراد من أسرهن، وبعضهنّ تضاعفت معاناتهنّ جراء تدمير منازلهنّ السكنية، وممتلكاتهنّ وحقولهنّ الزراعية. 

 

كما انعكست آثار الحصار المشدد، المفروض على قطاع غزة للعام الرابع عشرة، على النساء، فانخفضت مستويات المعيشة وارتفعت معدلات الفقر والبطالة، ما فاقم من حالات العنف الموجه ضد النساء، وظلت الكثيرات يعانين من عدم الوصول إلى الرعاية الصحية المناسبة جراء ضعف المنظومة الصحية، واستمرار سياسة رفض استصدار التصاريح اللازمة للسفر إلى الخارج من أجل تلقى العلاج اللازم والضروري.

 

وتشير مصادر التوثيق في مركز الميزان أنه ومنذ 1 ابريل 2014م، تكبّدت النساء خسائراً مادية وجسدية مباشرة وغير مباشرة على أيدي قوات الاحتلال، حيث قتلت (310) سيدات، وأصيبت (2385) أُخريات. كما اعتقلت (12) سيدة، وتم تدمير (2663) منزل سكني تملكه سيدات من بينها (837) منزل دمّر بشكل كلي، و(1826) منزل تضرّر جزئياً، وحوالي (959) سيدة فقَدن أزواجهنّ. وعلى صعيد الوفيات في صفوف النساء جراء سياسة المنع من الوصول إلى المستشفيات والعلاج، التي تنتهجها سلطات الاحتلال، فقد فارقت (24) سيدة الحياة؛ نتيجةً لذلك.

 

مركز الميزان لحقوق الإنسان يحذّر من خطورة الأوضاع الإنسانية القائمة في قطاع غزة، جراء استمرار الحصار وتدهور البنية التحتية للخدمات الأساسية، ولاسيما الخدمات الصحية، التي تعاني من عجز شديد في الأدوية والمستلزمات الطبية ومعدات التشخيص، وخاصة أجهزة فحص فايروس كورونا ومعدات التحليل الخاصة به وأسرّة العناية الفائقة وأجهزة التنفس.

 

 ويشدد الميزان على أن تدهور الأوضاع الإنسانية يتسبب في المزيد من العنف ضد المرأة وينتهك حقوقها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ويضاعف من معاناتها، ويُسهم في تراجع مكانتها ويحدّ من قدرتها على التفاعل في المجتمع، ويهدد فرص مشاركتها الحقيقية في الحياة العامة.

 

وبناء عليه، يطالب مركز الميزان لحقوق الإنسان المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته الأخلاقية والقانونية تجاه السكان في الأراضي الفلسطينية ولاسيما النساء والفتيات، واتخاذ كافّة التدابير الكفيلة بإنهاء حصار قطاع غزة وتفعيل آليات الحماية لحقوق المرأة لاسيما حقّها في الحياة، عبر إعمال مبدأ المحاسبة والمساءلة الدولية عن الانتهاكات التي تذهب ضحيتها النساء.

 

كما يطالب السلطة الوطنية الفلسطينية بالشروع الفوري في تحويل التزاماتها بموجب الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) إلى واقع فعلي على الأرض، ووضع خطة تنفيذية لتطبيق توصيات اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة؛ بهدف إتاحة الفرصة لهنّ للوصول إلى آليات العدالة، وإقرار قانون حماية الأسرة من العنف.

 

ومركز الميزان إذ يدعو الحركات النسوية إلى مضاعفة جهودها في نشر الوعي والحدّ من العنف ضد المرأة، بما في ذلك التصدي لأي خطاب ينتقص من مكانة المرأة ومن حقها في المساواة الكاملة، فإنه يطالب بتفعيل عمل مراكز الحماية الحكومية، وتوفير الدعم والحماية لحقوق المرأة ولاسيما الاقتصادية والاجتماعية، وضمان حقوقها في العمل اللائق والصحة والتعليم والمشاركة السياسية، وحماية المرأة في المناطق المهمشة بما يؤمن لها حياة كريمة.

 

انتهى

 


[1] راجع ورقة حقائق حول واقع الفلاحات في قطاع غزة. الرابط: http://www.mezan.org/uploads/files/16027007911268.pdf