بيانات صحفية

الميزان يحذر من التداعيات البيئية الخطيرة للشهر الخامس عشر على التوالي مياه الصرف الصحي غير المعالجة تتدفق إلى مياه البحر وتتسرب للمياه الجوفية

    شارك :

1 يوليو 2018 |المرجع 53/2018

يتواصل التدهور البيئي للعام الثاني على التوالي في قطاع غزة نتيجة استمرار تدفق مياه الصرف الصحي غير المعالجة أو المعالجة جزئياً إلى شواطئ قطاع غزة وتسربها إلى خزان المياه الجوفية. مركز الميزان لحقوق الإنسان يجدد تحذيره من خطورة ارتفاع وتيرة التلوث وتأثيراته على الصحة العامة، ويؤكد أن لا قيمة لمشاريع البنية التحتية ما لم تترافق مع معالجة جذرية لأزمة الطاقة الكهربائية التي يعاني منها القطاع منذ اثني عشر عاماً.

 

وفي هذا السياق بينت نتائج سلطة جودة البيئة في دورة إبريل لعام 2018م، أن نسبة التلوث بلغت (75%) على امتداد شواطئ قطاع غزة والبالغ طولها (40) كيلو متر، وبناءً على هذه النتائج أصبح المتنفس الوحيد غير آمن للسباحة وينطوي على خطورة كبيرة مما دفع سلطة جودة البيئة إلى تحذير المصطافين وحظر السباحة إلا في ثلاث مناطق محدودة، تفادياً للإصابة بالمضاعفات الصحية، كما طالت مياه الصرف الصحي المياه الجوفية في باطن الأرض.

 

ويُعدّ النقص الحاد والمزمن والمتزايد في الطاقة الكهربائية من العوامل الرئيسية التي تقف خلف هذا التدهور البيئي إذ وصلت ساعات قطع التيار لأكثر من (16) ساعة فصل يومياً، مما أحدث شللاً في كافة المرافق الحيوية، وطالت تأثيراته كافة القطاعات بما فيها الخدماتية، فتحت ضغط انقطاع التيار الكهربائي ونقص الوقود اللازم لتشغيل المضخات يتواصل ضخ مياه الصرف الصحي دون معالجة (كما تصل من المنازل والمنشآت) إلى البحر الأبيض المتوسط. وهي عملية متواصلة منذ شهر إبريل من العام المنصرم.

 

 ولم يقتصر الأمر على تلوث مياه البحر بل طال أيضاً مياه الشرب جراء تسرب المياه العادمة إلى المياه الجوفية، مما انعكس سلباً على جودة الحياة خاصة للشرائح التي تعاني وتواجه أوضاعاً اقتصادية صعبة خاصة تلك التي لا تقوى على شراء المياه الصالحة للشرب، والتي لا تمتلك وسائل تقي من حرارة الصيف.

 

هذا بالإضافة إلى أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة شكلت عاملاً مقيداً وحالت دون إدارة وتشغيل مرافق البنية التحتية بشكل طبيعي، بعد أن أصبحت المجالس المحلية المشرفة على تشغيل مرافق المياه والصرف الصحي وجمع النفايات تعاني من تراجع كبير في الإيرادات الجبائية والرسوم لاسيما في ضوء معدلات البطالة، التي بلغت (49.1% ) خلال الربع الأول من العام 2018، ومستويات الفقر حيث ما يزيد عن نصف السكان في قطاع غزة هم من الفقراء وبلغت نسبتهم (53.0%)، وانخفاض مستوى الدخل لشرائح واسعة من السكان خاصة بعد قرار السلطة الوطنية الفلسطينية فرض حسومات على رواتب الموظفين في القطاع العام، إضافةً إلى انخفاض مستوى المنح والمساعدات الدولية، الأمر الذي ضاعف من حجم التحديات لجهة تشغيل المولدات الكهربائية في أوقات انقطاع التيار الكهربائي نظراً لطول المدة وزيادة التكاليف التشغيلية في ظل التراجع الخطير في الموارد، من جهة أخرى باتت قدرة المجالس المحلية على مكافحة القوارض والبعوض أضعف من أي وقت مضى، مما فاقم أيضاً من معاناة السكان خاصة في الأحياء والمناطق السكنية القريبة من برك وأحواض الصرف الصحي وتلك المحيطة بمجرى وادي غزة.

 

إن استمرار هذه الأزمات الإنسانية في قطاع غزة كشف بما لا يدع مجالاً للشك عن تجاهل المجتمع الدولي للكارثة الإنسانية المحدقة بسكان قطاع غزة، ومدى إهمال وضعف تعاطي الجهات المسؤولة محلياً ودولياً مع الأزمات التي يعاني منها سكان القطاع والتي لا تقف عند حدود التلوث البيئي، بل تتعداها أيضاً إلى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

 

ويشدد مركز الميزان لحقوق الإنسان على أن تخفيف حدة التهديدات البيئية والصحية الناجمة عن التلوث يستوجب سرعة التدخل من أجل الاستثمار في قطاع الطاقة الكهربائية حيث باتت المشاريع التنموية والاستراتيجية لا تحقق غاياتها في ظل العجز المزمن في الطاقة الكهربائية.

 

وبناءً عليه فإن مركز الميزان يطالب المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية بالضغط على قوات الاحتلال الإسرائيلي وإلزامها باحترام مسئولياتها بوصفها قوة احتلال ووقف العقوبات الجماعية التي تنفّذها، وإجبارها على رفع الحصار الذي يفضي إلى حرمان الفلسطينيين جملة من حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية. كما يدعو المجتمع الدولي ووكالات الأمم المتحدة للعمل على تعزيز التعاون الدولي في مجال حل المشكلات المعقدة التي يعاني منها السكان في قطاع غزة، وهي مشكلات وإن أخذت في تداعياتها أشكال الكارثة الإنسانية إلا أنها في الحقيقة انعكاس طبيعي للمشكلات السياسية القائمة، وتجسيداً لعجز المجتمع الدولي على مدى عشرات السنوات عن تطبيق قرارات الشرعية الدولية وفرض احترام قواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان في هذه المنطقة من العالم.

 

والمركز إذ يجدد تأكيده على مسؤولية سلطات الاحتلال الأساسية عن حياة السكان، فإنه يشدد على مسؤولية السلطات المحلية الفلسطينية وضرورة تفعيل خطوات المصالحة وإيجاد حلول عملية للأزمات المختلفة، وإيلاء القطاعات الحيوية المساندة والدعم الكافِ.

انتهى