بيانات صحفية

بمناسبة عرضها على المجلس التشريعي لإقرارها، مركز الميزان يقدم ملاحظاته وتوصياته حول الموازنة العامة

    شارك :

30 مارس 2005 |المرجع 21/2005

في إطار اهتماماته بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إعتاد مركز الميزان أن يعقد مؤتمرا سنويا حول الموازنة العامة للسلطة الوطنية الفلسطينية، لمناقشة أهم بنودها، والخروج بالتوصيات اللازمة، وتقديمها للمجلس التشريعي الفلسطيني.
وفي هذا السياق عقد المركز، نهاية شهر ديسمبر من العام الماضي مؤتمره الثاني في الموعد المحدد، إلا أن تأخر وزارة المالية في تقديم مشروع الموازنة، للعام الجاري 2005، إلى المجلس التشريعي، أفقد المؤتمر الكثير من أهدافه.
كما أن تأخر تقديم مشروع الموازنة العامة للسلطة الوطنية الفلسطينية، شكل خرقاً واضحاً لقانون تنظيم الموازنة العامة رقم (7) لسنة 1998.
وجدير بالذكر أن وزارة المالية قدمت مشروع الموازنة العامة للسلطة الوطنية الفلسطينية للعام الجاري 2005 إلى المجلس التشريعي الفلسطيني في النصف الثاني من شهر أذار (مارس) الجاري، الأمر حال دون تمكن مركز الميزان لحقوق الإنسان من تنظيم ورشات عمل متخصصة، تناقش الموازنة، وقطاعاتها المختلفة مع الجهات المعنية، لاسيما لجنة الموازنة العامة بالمجلس التشريعي ووزارة المالية، والمهتمين والخبراء.
عليه وبالنظر إلى عدم تمكن المركز من تنظيم ورشات العمل، ومن منطلق حرصه الشديد على إثراء الموازنة العامة للسلطة الوطنية وتطويرها بما يضمن رفع كفاءة المؤسسات الفلسطينية وحسن توزيع الموارد، بما يخفف من وطأة ظاهرتي البطالة والفقر على الشرائح الضعيفة والمهمشة، ويضمن الارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة، لاسيما التعليم والصحة والسكن، كمدخل لحماية واحترام حقوق الإنسان في فلسطين، فإن الفريق المتخصص في مركز الميزان قام بدراسة تحليلية سريعة للموازنة العامة لسنة 2005 وخلص إلى الملاحظات التالية: خالف توقيت تقديم الموازنة نص المادة الثالثة من قانون تنظيم الموازنة العامة والشئون المالية رقم (7) لسنة 1998، الذي يلزم الحكومة بتقديم الموازنة العامة إلى المجلس التشريعي لإقرارها بعد إعدادها من طرف دائرة الموازنة العامة بوزارة المالية.
وحسب الآلية التي يضعها القانون لإقرار الموازنة العامة، يتوجب على مجلس الوزراء تقديم مشروع قانون الموازنة العامة إلى المجلس التشريعي قبل شهرين على الأقل من بداية السنة المالية أي حتى نهاية شهر أكتوبر.
ومن ثم يحيل المجلس التشريعي المشروع إلى لجنة الموازنة والشئون المالية، لدراسته وإبداء الرأي فيه تفصيلياً وترفع توصياتها بشأنه إلى المجلس.
ثم يعقد المجلس التشريعي جلسة خاصة لمناقشة مشروع قانون الموازنة العامة، على ضوء تقرير اللجنة وتوصياتها، فيقر المشروع بالتعديلات قبل بدء السنة المالية الجديدة، أو يعيده إلى مجلس الوزراء في مدة أقصاها شهر من تاريخ تقديمها إليه مصحوبا بملاحظات المجلس التشريعي، لإجراء التعديلات المطلوبة وإعادته إلى المجلس خلال مدة أقصاها أسبوعان من تاريخ الإحالة لإقرارها.
إن القانون حدد هذه المدة، التي هي من النظام العام، لتمكين السلطة التشريعية من أن تأخذ حقها في الوقت الزمني المخصص لها في دراسة ومناقشة هذه الموازنة.
وكي تنتهي هذه المناقشات والمصادقة على إقرار الموازنة قبل بدء السنة المالية.
وكي تتسم بالنضج والموضوعية باعتبار أنها تأتي متأنية بالنظر لمنحها الوقت الكافي لذلك، حيث يسهم ذلك التقييم العلمي الدقيق والمتأني لأداء كل جهة والتعرف على أوجه الإيجابيات والسلبيات في الموازنة السابقة.
ويمنح فرصة اكبر لتطوير أساليب العمل في الموازنات القادمة.
ويعطي الوقت الكافي لجهات الاختصاص، بما يسهم في الاستفادة من طاقاتها وقدراتها في طرح البدائل، في حالة وجود عجز في الموازنة العامة، من حيث مصادر التمويل ومدى ملاءمتها.
بعد مراجعة بند الرواتب والأجور في مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2005 تم تخصيص مبلغ (938) مليون دولار كرواتب وأجور، وبمراجعة الانفاق الفعلي لهذا البند في موازنة عام 2004 لاحظنا أن قيمة الرواتب والأجور بلغت(828) مليون دولار، وفي خطابه لتيرير هذه الزيادة أكد وزير المالية أن الزيادة جاءت بسبب تطبيق قانون الخدمة المدنية، علما بأن ما تم تطبيقه من نظم وظيفية لا ينسجم مع أحكام قانون الخدمة المدنية، وعليه فان الزيادة تلك غير مبررة قانونا وتشكل مخالفة دستورية وقانونية.
فيما يتعلق ببند صافي الإقراض، فانه من الملاحظ أن ماتم تخصيصه هذا العام يبلغ (130) مليون دولار، في حين أن ما تم انفاقه على هذا البند عام 2004 حوالي (145) مليون دولار.
وبالرغم من هذا الانخفاض الايجابي، إلا أن الأمر يثير قلق المركز، استنادا إلى أن خطاب وزير المالية الذي أرجع صرف الغالبية العظمى من هذا المبلغ لتسديد فاتورة الكهرباء.
بعد الإطلاع على بند الإيجارات يلاحظ أن ما خصص لهذا البند في الكثير من مراكز المسؤولية تشكل نسبة عالية من الموازنة دون مبرر، علماً بأن هذا البند يتكرر دون وجود توجه بالتخلص من الإيجارات لصالح امتلاك العقارات، وبالتالي تخفيف هذا العبء عن الموازنة.
لاحظ المركز أن بند أخرى يرد كثيراً ولم يجد المركز تفسيراً ومبرراً جدياً لوجود هذا البند، خاصة وأنه يضر بمبدأ الشفافية.
بعض مراكز المسؤولية (وزارة المالٍٍية) خصص لها بند ما يسمى مكافأة الموظفين في حين أن بعض مراكز المسؤولية الأخرى (وزارة الصحة مثلاً)، لم يتم تخصيص أية مبالغ لها، علماً بأن الأخيرة بحاجة ماسة إلى هذا البند لتطوير وتشجيع كادرها.
وهذا مؤشر على أن ما تم تخصيصه ليس مبنياً على أسس علمية وموضوعية تخدم تطوير الخدمات الأساسية وتحمي حقوق الإنسان.
يلاحظ المركز غياب رؤية واضحة في بند الاعانات الاجتماعية، خاصة فيما يتعلق بأسر الشهداء، والمعوقين والجرحى، والأسرى، والصناديق الخاصة بهم.
حيث لم يتم التأكيد على تحديد نسبة 5% من الوظائف للمعوقين، خاصة في ظل إرتفاع أعداد المعوقين نتيجة الاعتداءات الاسرائيلية على الشعب الفلسطيني، كما أدى غياب الرؤية سابقاً إلى عدم احترام مبدأ توظيف أبناء الشهداء وفقاً لقانون الخدمة المدنية، وعدم طرح خطة لمساعدة المواطنين الذين فقدوا فرص عملهم في اسرائيل، نتيجة الحصار، والاغلاقات الاسرائيلية، للأراض الفلسطينية، ومن المتوقع زيادة هذه الأعداد بعد الانسحاب الاسرائيلي من غزة، كما لم يتم التطرق إلى ما ستؤول إليه الأوضاع في حالة قدوم آلاف اللاجئين إلى قطاع غزة.
ورد في خطاب الموازنة أن هناك زيادة غير مبرمجة في أعداد منتسبي قوات الأمن، ولا يرى المركز سبباً لهذه الزيادة غير المبرمجة، بالرغم من المراسيم الرئاسية والقرارات الوزارية بهذا الشأن.
جاء في خطاب الموازنة أن أداء الاقتصاد الفلسطيني سيواصل ضعفه، بالرغم من تبرير تأخير تقديم الموازنة بتوفير ضمانات ومساعدات من المانحين، فان لم تتحقق هذه الضمانات فلماذا هذا التأخير ومخالفة القانون؟، وان تحققت الضمانات والمساعدات فلماذا يستمر الضعف الاقتصادي؟.
هذا ما خلص إليه المركز من ملاحظات سريعة، كما خلص إلى مجموعة من التوصيات يمكن إجمالها في التالي: ضرورة الالتزام التام بتقديم الموازنة العامة في موعدها المحدد وفقا لقانون تنظيم الموازنة العامة رقم 7 لسنة 1998 .
التقيد التام من طرف مجلس الوزراء ووزارة المالية بتطبيق قانون الخدمة المدنية وتعديلاته، خاصة في مجال التعيينات والترقيات، وإصدار اللوائح والأنظمة اللازمة لإنفاذه.
إعادة النظر في كافة الاتفاقيات الموقعة مع شركة توليد كهرباء غزة، لا سيما البند المتعلق بالمحروقات، ومحاسبة المقصرين ممن وقعوا اتفاقيات تضر بالمال العام الفلسطيني، وإعادة النظر في هيكلة شركة توزيع كهرباء غزة، وضرورة النظر بجدية لخصخصة هذا القطاع وفتح مجال التنافس فيه.
تحويل المبالغ التي تخصص لبند الإيجارات لإنشاء منشآت خاصة بالوزارات، ومن ثم تخصيص هذه المبالغ لبرامج الضمان الاجتماعي ومساعدة المناطق المنكوبة.
العمل على تطبيق القوانين التي تساهم في الإعانات الاجتماعية خاصة ما يتعلق بتشغيل المعاقين والجرحى والأسرى وأبناء الشهداء.
توضيح المقصود ببند (أخرى) واستبداله ببنود واضحة ومحددة إن كان لها ضرورة.
الاسراع في إصدار قانون الخدمة العسكرية، واصدار اللوائح التنفيذية الخاصة بقانون التقاعد المدني والعسكري، من أجل خلق وتوفير فرص عمل جديدة للخريجين والشباب.
إنشاء صندوق إجتماعي للعائدين إلى الوطن، في حالة اتمام الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة، حيث يتوقع قدوم آلاف الفلسطينين إلى القطاع، الأمر الذي يتطلب التكفل بأوضاعهم إلى حين توفير الخدمات الأساسية لهم، لاسيما العمل، والسكن ، والتعليم، والصحة.
البحث في إمكانية تغيير آلية إعداد الموازنة العامة، بتبني الاعتماد على موازنة البرامج بدلا من الموازنة الكلاسيكية الحالية.
إن مركز الميزان إذ يقدم هذه الملاحظات والتوصيات فإنه يأمل من المجلس التشريعي أن يقوم بدوره الأساسي في الرقابة على عمل السلطة التنفيذية، باعتبار اقرار الموازنة العامة أحد أهم وسائل هذه الرقابة، كما يأمل من الحكومة أن تعيد النظر في الموازنة، وتعمل على وضع سياسات وبرامج واضحة، من أجل دعم المناطق المنكوبة التي تعرضت للدمار المتكرر من قبل قوات الاحتلال الإسرائلي، ودعم الفئات المهمشة والفقيرة في المجتمع الفلسطيني.
والتساؤل المقلق الذي يطرحه الجميع ما هو مستقبل الوضع القانوني لتنظيم النفقات والإيرادات في حال عدم إقرار المجلس التشريعي لمشروع قانون الموازنة العمة غدا.
خاصة وأن غدا هو اليوم الاخير للمدة الاستثنائية التي منحها القانون لاقرار الموازنة كما جاء في نص المادة الرابعة من قانون تنظيم الموازنة العامة والشؤون المالية رقم 7 لسنة 1998 .
انتهى